(وَالتَّجْرِيدِ) وهو أن يُنْتَزَعَ من أمر ذي صفة آخر مثله فيها مبالغةً في كمالها فيه، يعني ينتزع يتخيل شيئًا مأخوذ من شيء آخر فيخاطبه أو يُعَلِّق عليه حكمًا أو نحو ذلك، وهو أقسام منها ما يكون بـ (من) التجريدية، هي (من) الابتدائية ويسمونها في هذا الموضع التجريدية نحو قولهم: لي من فلان صديق حميم. هو عينه. لي من زيد صديق حميم. كأنه أخذ من زيد شخصًا آخر ووصفه بكون صديق حميم هو عينه، يسمى ماذا؟ ويسمى تجريدًا، أن ينتزع من أمر من زيد مثلاً ذي صفة آخر مثله فيها، إذًا: لي من فلان صديق حميم. هو بعينه. أي بلغ من الصداقة حدًّا صح معه أن يستخلص منه آخر مثله فيها مبالغة في كمالها فيه.

ومنها ما يكون بالباء التجريدية وهي الباء التي تفيد معنى مع. ومنها ما يكون بالباء التجريدية الداخلة على المنتزع منه، نحو قولهم: لأن سئلت فلانًا لتسألن به البحر. بالغ في اتصافه بالسماحة حتى انتزع منه بحرًا في السماحة، لتسألن بحرًا يعني انتزع من زيد الذي لا يَرُدّ أحدًا انتزع منه بحرًا، حينئذ صوره بصورة أخرى، وعندنا شيئان زيد من الناس وبحر هل هما متغايران؟ لا، هما شيء واحد، ومنها ما يكون بالفي الداخلة على المنتزع منه، نحو قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28] {لَهُمْ فِيهَا} أي في جهنم، هي دار الخلد {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} هذا مبالغة في شدة ما يكون لهم من الهول.

ومنها ما يكون من غير توسط حرف نحو:

ولأن بقيت لأرحلن بغزوة ... تحوي الغنائم أو يموت كريم

هو نفسه استخلص من نفسه رجلاً ووصفه بكونه كريمًا يعني نفسه انتزع من نفسه كريمًا مبالغة في كرمه.

ومنها مخاطبة الإنسان نفسه كقوله: لا خيل عندك تهديها ولا مال. لا خيل عندك يخاطب نفسه لكنه استخلص من نفسه شخصًا آخر، يعني يستحضر أنه شخص آخر قد يعاتبه قد يمدحه قد، قد .. إلى آخره، فانتزع من نفسه شخصًا آخر مثله في فقد الخيل والمال.

(وَالجَدِّ) أي قصد في قالب الهزل، يعني يأتي بكلام يريد به (وَالجَدِّ) لكنه يأتي بصورة الهزل، هذا يُسمى ماذا؟ يُسمَّى جَدًّا في قالب الهزل والناس يستريحون لهذا، كقوله:

إذا ما تميمي أتاك مفاخرًا ** فقل: [عِدّ] أو [عُدّ] عن ذا كيف أكلك للضب؟

إذا جاء مفاخر ردَّه إلى أمر آخر.

(وَالطِّبَاقِ) ويُسمَّى المطابقة والتضاد والتكافؤ، وهو أي الطباق الجمع بين متقابلين في الجملة، أي سواء كان تقابل ضدَّيْنِ أو نقيضين أو عَدَمٍ ومَلَكَة، ويكون بلفظين من نوعٍ وهما اسمان، {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} [الكهف: 18]، {أَيْقَاظاً}، {رُقُودٌ}، تقابلاَ ضدّان، يعني النوم واليقظة لا يجتمعان، أو فعلين نحو {يُحْيِي وَيُمِيتُ} تقابلا أو لا؟ مقابلة بين ضدين، الإحياء والإماتة متقابلان، أو حرفين {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286] لها وعليها متقابلان.

إذًا التقابل يقع بين الاسمين، وبين الفعلين، وبين الحرفين. أو من نوعين نحو {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122] {مَيْتاً} هذا اسم {فَأَحْيَيْنَاهُ} هذا فعل.

والطباق قسمان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015