هنا يذكر البيانيون قبل الكلام في التشبيه والمجاز والكناية. أقسام الدلالة تُعَرّف الدَّلالة، ثم تذكر أقسامها الثلاثة أو القسمين العامين دلالة لفظية ودلالة غير لفظية، ثم تقسم غير اللفظية إلى ثلاث، وتقسم اللفظية إلى ثلاث، على كلٍّ مرّ معنا هذا قريبًا في شرح ((السُّلّم)) وليس مرادًا هنا، إنما المراد هو ما يقابل الوضعية، ولما لم تكن كل دَلالةٍ قابلةً للوضوح والخفاء احتيج إلى تقسيمها وتعين المقصود منها، فالدلالة حينئذٍ لأنه قال: (فِما بِهِ لاَزِمُ مَا وُضِعِ لَهْ). الدلالة هي كون الشيء بحيث يلزم من العلم به العلم بشيءٍ آخر، هذا إذا شرطنا الفهم بالفعل، كون أمرٍ بحيث يفهم منه أمرٌ آخر، فُهِمَ منه بالفعل أم لا، يعني لا يُشترط في الدلالة أن تكون دلالة أن يفهم بالفعل، بل ولو بالقوة، فهم أمرٍ من أمرٍ، يعني يتعلق به الفهم كون الشيء هذا عند البيانيين بحيث يلزم من العلم به العلم بشيءٍ آخر أو كون أمرٍ بحيث يُفْهَمُ منه أمرٌ، الأول الدّال والثاني المدلول. إذًا عندنا دلالة وعندنا دالٌ وعندنا مدلولٌ، عندنا دلالة وهي الفهم سواءٌ قلنا: فهمًا بالفعل أم لا، وعندنا دالٌ وهو اللفظ أو غيره، وعندنا المدلولٌ وهو ما يُفْهَمُ من اللفظ أو غيره، فدلالة اللفظ حينئذٍ نقول: اللفظ الموضوع. أما المهمل فلا مدخل له هنا اللفظ الموضوع الذي وضعته العرب لا يخلو إما أن يدل على تمام ما وضع له، أو على جزئه، أو على الخارج اللازم له ذهنًا. لفظ الموضوع إما أن تكون الدلالة مطابقية أو تَضَمُّنِية أو التزامية. ولكن من حيث التقسيم الدلالة اللفظية نقول: إما أن يدل اللفظ على تمام وكمال الموضوع له أو على جزئه على بعضه، وهذا يكون في المعاني المركبة لا البسيطة، أو على الخارج اللازم، وهذا يكون ملتزمًا من جهة الذهن، فدلالة اللفظ على تمام ما وضع له وضعية تسمى وضعية، ثّمَّ فرقًا بين الحديث عن أقسام الدلالة بين البيانيين والمناطقة، فالتقسيم في الجملة متحد لأن الأسماء قد تختلف، فدلالة اللفظ على تمام - يعني كمال - ما وُضِعَ له - يعني تمام المعنى الذي وُضِعَ له اللفظ في لسان العرب - يعني ذلك المعنى - وضعيًا يسمى وضعيًّا.