إذًا التوشيع للتفصيل أن يُؤتى في عجز الكلام يعني: في آخره بمثنى وفيه إبهام، ثم يأتي لتفصيل هذا المسمى باسمين لأن المثنى لا يدل على أكثر من اثنين، عُطِفَ الثاني على الأول بالواو، ويُسَمَّى توشيعًا، ومنه ذكر الخاص بعد العام للتنبيه على فضيلة الخاص. لقوله: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] داخل التوشيع حتى ليس كأنه من جنس العمل، (وَالاعْتِرَاضُ) وهذا أن يؤتى في أثناء الكلام الجملة الاعتراضية التي تمر معك في الإعراب الجملة الاعتراضية قد تكون جملة واحدة، وقد يأتي بجمل، وهو أن يُؤتى في أسماء الكلام أو بين كلامين متصلين معنى بجملة أو أكثر، يعني ليس خاصًا بجملة واحدة - وإن ادَّعاه بعض النحاة - ولكن الصحيح قد يكون أكثر من جملة لا محل لها من الإعراب، لأنها من المواضع التي لا محل لها من الإعراب لنكتة كالتنزيه بقوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ} [النحل: 57]. {وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ} معطوف على قوله: {الْبَنَاتِ} ويجعلون لله البنات ولهم ما يشتهون هذا الأصل {سُبْحَانَهُ} هذه جملة معترضة لا محل لها من الإعراب، قصد بها ماذا؟ التنزيه، جيء بها بالجملة هذه، هذه الجملة بين الجملتين. {إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [آل عمران: 36] إني وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى هذا الأصل {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} هنا جملتان إذا لم يكن أكثر، وكذلك قول الشاعر:
إن الثمانين وبُلِّغْتَهَا ... قد أَحْوَجَتْ سَمْعِي إلى ترجمان
بُلِّغْتَهَا اعتراض، والمراد بها الدعاء، والواو فيها اعتراضية ليست عاطفة ولا حالية (وَالتَذْيِيلِ) يعني يأتي الإطناب للتذييل بصيغة التفعيل، وهو لغة جعل ذيل للشيء، من اسمه ذيل للشيء يعني يكون في الخاتمة يكون في خاتمة الكلام، واصطلاحًا عندهم أن يأتي بجملة عقب جملة، والثانية تَشْتَمِلُ على معنى الأولى للتأكيد، يعني الأولى معادة في الثانية، فيأتي بجملتين جملة عقب جملة، وتكون الثانية مشتملة على معنى الأولى، ويكون فيها معنى التأكيد، يعني هذا معنى التأكيد، التأكيد هو التقوية وهو ضربان نوعان، ما خرج مخرج المثل بأن يقصد حكم الكلي منفصل عن ما قبله جارٍ مجرى الأمثال، نحو ماذا؟ قوله تعالى: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} [سبأ: 17]. هذا يصلح أن يكون ماذا؟ أن يكون مثلاً {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}، {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا} هل هو داخل في قوله: {وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ}؟ داخل فيه، فالجملة الثانية عُقِّبَت بالجملة الأولى وهي مشتملة عليه من جهة المعنى. أي هل يُعَاقَبُ على ما ذُكِرَ على أن المراد أعمُّ من الجزاء الأول.
وقوله تعالى: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء: 81]. {إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} يجري مجرى المثل، وهذا قد يذكره الناس وهي مشتملة على معنى الجملة الأولى، هذا النوع الأول.