والثاني ما لا يجري مجرى المثل، وذلك بأن لم يستقل بإفادة المراد، بل يتوقف على ما قبله، بمعنى أن التذييل جعل الذيل الجملة الأخرى العقب الجملة الأولى لا تستقل بنفسها، بل لا بد من ذكرها مع السابقة، مثاله كالآية السابقة {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ} إذا جعل التقدير وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص لا على جهة التعميم لو قيل: {وَهَلْ نُجَازِي}. على جهة العموم استقل بنفسه، وإذا أريد به الخصوص حينئذٍ لا تنفك عن الجملة السابقة، وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص فيكون متعلقًا بما قبله معنًى فلا يُعْلَم أن يكون بمجرده مثلاً، وقد اجتمع الضربان في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [الأنبياء: 34، 35]. {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} اشتملت على معنى الجملة السابقة {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، {أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} تذييل من الضرب الثاني، يعني الذي لا يجري مجرى المثل لأنه لا ينفك عنه، وإن كان داخلاً في معناه. وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. من الضرب الأول لأنه يجري مجرى المثل وهو منفك عما سبق وإن كان مشتملاً له من جهة المعنى، فكل منهما تذييل على ما قبله.
إذًا ذكر لك بقوله: (وَجَاءَ) (ثَانٍ) أي الإطناب (لِلتَوشِيعِ بِالتَّفْصِيلِ) هذا متعلق بالتوشيع لأنه جاء مفصلاً لمثنى بعطف الاسم الثاني على الأول بالواو (وَالاعْتِرَاضُ) عرفنا المراد بالاعتراض أنه يكون بجملة أو جملتين أو أكثر، (وَالتَذْيِيلِ) بنوعيه الاثنين. والله أعلم.
وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.