لهم كلام طويل فيه، لكن منه يكون باعتبار المسنَد إليهما والمسندين جميعًا. أي المسند إليه في الأولى والمسند إليه في الثانية، إذا اتفقا فحينئذٍ قلنا: هذه مناسبة كالمثال السابق. وكذلك المسند في الأولى والمسند في الثانية. إذا اتفقا قلنا: هذا جمع، نحو ماذا؟ يَشْعُرُ زَيْدٌ وَيكْتُبُ هنا الشعر والكتابة بينهما مناسبة، يعني إذا جاء في الذهن الشعر يستحضر الكتابة، وإذا جاءت الكتابة يستحضر الشعر، ثم المسند إليه هو هُو يَشْعُرُ زَيْدٌ وَيكْتُبُ هُوَ، إذًا ثَمَّ مناسبة بينهما، لا يقال: يَشْعُرُ زَيْدٌ يكْتُبُ. وإنما يقال: وَيكْتُبُ. للمناسبة الظاهرة بين الشعر والكتابة وتقارنهما في خيال أصحابهما، يعني الذي يتخيل الشعر يتخيل الكتابة والعكس بالعكس، وعمرو يعطي ويمنع، الإعطاء إذا استحضره الإنسان في ذهنه تصور ماذا؟ مقابله وهو المنع، إذًا هذه مناسبة، مناسبة في ماذا؟ في الوجود أو في التضاد؟ الثاني في التضاد؛ لأنه لا يمنع يعطي في وقت واحد مع اتحاد الجهة. إذًا وعمرو يعطي ويمنع لما بين الإعطاء من تناسب التضاد، وخَالِدٌ شَاعِرٌ وَبِشْرٌ كَاتِبٌ، وَزَيْدٌ طَوِيلٌ وَعَمْروٌ قَصِيرٌ. خالدٌ شَاعِرٌ وبِشْرٌ كَاتِبٌ، شاعر كاتب، وَخالِدٌ وَبِشْرٌ إذا كان بينهما إخوة أو صداقة أو صحبة ونحوها حينئذٍ نقول: هذا مناسب. زَيْدٌ طَوِيلٌ وَعَمْروٌ قَصِيرٌ الطول والقصر تضاد، وزيد وعمرو إذا كانت بينهما مناسبة من إخوة أو صداقة أو نحوهما من الملابسات بخلاف ما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يجوز، لو لم يكن بين زيد وعمرو مناسبة لم يَجُزِ العطف زَيْدٌ طَوِيلٌ وَعَمْروٌ قَصِيرٌ وزيد هذا في واد وهذا في وادٍ آخر، لا يجوز العطف، لماذا؟ لعدم وجود الجامع.
وإن كان المسندان فقط متناسبين دون المسند إليهما نحو زَيْدٌ كَاتِبٌ وَعَمْروٌ شَاعِرٌ حيث لا مناسبة بين زيد وعمرو بوجه مما ذُكر على ما ذكرنا، ونحو: خُفِّي ضَيِّقٌ وَخَاتَمِي وَسِيع. الضيق والسعة متقابلان حصل المناسبة، لكن خفي وخاتمي ليس بينهما جامع. إذًا نقول: هذا لا يصح العطف إلا على وجه آخر. امتنع العطف يعني في نحو خُفِّي ضَيِّقٌ وَخَاتَمِي وَسِيع، امتنع العطف لعدم المناسبة بين زيد وعمرو في الحالة المفروضة السابقة، وعدم المناسبة بين الخف والخاتم، وإن وجدت مناسبة التماثل في المسندين الأولين وهما الشعر والكتابة، ومناسبة التضاد في المسندين الآخرين وهما الضيق والسعة، حيث لا مناسبة بين مسند إليهما في المثالين، أي بين زيد وعمرو، والخف و .. .
إذًا لا بد من وجود المناسبة بين المسندين والمسند إليهما في الموضعين، وكذا نحو زيد شاعر وعمرو طويل سواء كان بين زيد وعمرو مناسبة أم لا لعدم التناسب بين المسندين وهما الشعر والطول. زَيْدٌ شَاعِرٌ وعَمْروٌ طَوِيلٌ لا يصح العطف لماذا؟ لأن الطول والشعر ليس بينهما مناسبة، إذا استحضر الشعر لا يستحضر الطول، والعكس بالعكس، ولو كان زيد وعمرو أخوين، لو وجد المناسبة بين المسند إليه يعني: بينهما ترابط ومعنى وتعلق لم توجد مناسبة بين المسندين حينئذٍ امتنع العطف.