وقول الناظم: (أَرْجَحُ). هذا غلط، ظاهره يُشعر بجواز الفصل وليس كذلك، بل يجب الوصل في هذا الموضع (وَإِنْ تَوَسُّطٌ فالْوَصْلُ ** بِجَامِعٍ) واجب متعين وليس بأرجح لأنه يُفهم ماذا؟ يُشعر بجواز الفصل، وليس كذلك، بل الوصل متعين في هذه الحالة.
الحاصل أن التوسط توسط الجملتين بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع لا بد من تحقق أمرين، توسط حقيقته إذا اجتمع فيه أمران:
الأمر الأول: اتفاق الجملتين خبرًا وإنشاءً على التفصيل الذي ذكرناه. اتفاق الجملتين خبرًا وإنشاءً.
الثاني: وجود الجامع بين الجملتين. إن وجدا قلنا: توسط فيجب الوصل. إن فقدا أو فقد أحدهما حينئذٍ هو كمال الانقطاع لأنه إذا فقد الأول في فك الجملتين إذ لم تتفق الجملتان فهو كمال انقطاع، وإذا لم يوجد الجامع فهو كمال انقطاع، إن فقدا حينئذٍ واضح بين إن اجتمعا حينئذٍ هو التوسط فيجب الوصل.
إذًا متى نحكم على الجملتين لكونهما توسطتا بين كمال الانقطاع وكمال الاتصال؟ إذا تحقق فيه أمران:
اتفاق الجملتين خبرًا وإنشاءً.
وجود الجامع.
حينئذٍ نحكم على الجملة بأنها متوسطة فيجب الوصل. فإذا اختل أحد الأمرين فهو كمال الانقطاع.
(وَإِنْ تَوَسُّطٌ فالْوَصْلُ ** بِجَامِعٍ أَرْجَحُ) وهذه الحالة الخامسة التي يذكرها البيانيون.
بقي حالة، وهي مما يجب فيه الوصل، هو الوصل لدفع لإيهام، وهذه واضحة، لا، جزاك الله خيرًا. لا، وجزاك الله خيرًا. أليس كذلك؟ قالوا: هنا يجب. فيه خلاف المشهور أنه يجب، حينئذٍ إذا كان ثَمَّ إيهام ولا يدفع إلا بالوصل وجب الوصل. إذا قال له: تفضل. قال: لا جزاك الله خيرًا [ها ها] يوهم ماذا؟ أنه دعاء عليه، وهو ليس كذلك. إذًا لا وجزاك الله خيرًا، لا وأستغفر الله، لا وأيدك الله، لا وبارك الله فيك، لا بد من الإتيان بالواو هذه الحالة السادسة. وهي الوصل لدفع الإيهام، كقولهم: لا وأيدك الله. وُصِلَتْ وإن كان بينهما كمال الاتصال لأن الأولى خبر والثانية إنشاء لئلا يُتَوَهّم أن لا داخلة على جملة وأيدك الله فتكون دعاءً عليه، ومثله: لا وأستغفر الله.
................... ... ............ ثُمَّ الْفَصْلُ
بِحَالٍ حَيْثُ أَصلُهَا قَدْ سَلِمَا ... أَصْلٌ وَإِنْ مُرَجِّحٌ تَحَتَّما
لما كانت الجملة الحالية أو كانت الحال الواقعة جملة تارة توصل بالواو وتارة تفصل عن صاحب الحال حينئذٍ لها علاقة بباب الوصل والفصل، ولذلك يذكرها البيانيون في خاتمة باب الوصل والفصل لأنها إن فصلت فهي من الفصل، وإن وصلت فهي من الوصل. إذًا لها حالان، لما كانت الحالة الأولى واقعة جملة تارة تدخلها الواو وتارة لا تدخلها صار لها في الصورة حالتا وصل وفصل، فناسب ذكر ذلك في بابه، وتارة تأتي بالواو وتارة بدونها حينئذٍ عَقَّبَ للمناسبة. فقال: (ثُمَّ الْفَصْلُ للحَالٍ) أي: المنتقلة هنا (بِمَا لِحَالٍ) هذا ما ظهر لي وجهه، (بِمَا لِحَالٍ) في الشرح [لا في للحال]. ثم الفصل للحال حيث أصلها قد سلما الكلام واضح، أما (ثُمَّ الْفَصْلُ بِمَا لِحَالٍ) هذا لم يتضح لي والله أعلم.