(وَإِنْ تَوَسُّطٌ فالْوَصْلُ ** بِجَامِعٍ أَرْجَحُ)، (وَإِنْ تَوَسُّطٌ) يعني: للجملتين في نسخة وإن تَوسَّطت (وَإِنْ تَوَسُّطٌ) وهذا عبارة السيوطي في ((عقود الجمان))، (وَإِنْ تَوَسُّطٌ) للجملتين توسط بين ماذا؟ بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع، عرفنا كمال الاتصال وعرفنا كمال الانقطاع، كمال الاتصال أن تكون الجملة الثانية مؤكدة أو بدلاً أو عطف بيان أو بمنزلة الجواب، هذا ليس منزلة جواب منزلة الجواب هذا شبه الاتصال، كمال الانقطاع أن يكون بين الجملتين تنافٍ في الخبرية والإنشائية مع فقد الجامع.
التوسط بين الموضعين قال هنا: (وَإِنْ تَوَسُّطٌ) يعني بين كمال الاتصال وكمال الانقطاع بأن تتفق الجملتان في الخبرية أو الإنشائية لفظًا ومعنًى أو معنًى فقط - انظر أو معنّى فقط - ولهما أقسام ثمانية تُطلب في المطولات.
مثاله قوله: {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: 142]. والجامع هنا الاتحاد في المسند {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} جاء العطف هنا لماذا؟ لكون الجملة الثانية خبرية أو إنشائية؟ الجملة الأولى {يُخَادِعُونَ اللهَ} خبرية لفظًا ومعنًى {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} خبرية لفظًا ومعنًى، {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} خبرية لفظًا ومعنًى ووجد الجامع وهو اتحاد المسند، أين المسند؟ {يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} الجامع للاتحاد في المسند {يُخَادِعُونَ} الواو، طيب {خَادِعُهُمْ} من؟ من المخادَع هنا؟ {يُخَادِعُونَ اللهَ} على كلامهم؟ المفعول به، والفاعل هم، {وَهُوَ خَادِعُهُمْ} أي الله عز وجل. حينئذٍ الاتحاد وقع في ماذا هنا؟ يخادِعون وخادِع اتحدا في اللفظ المادة، اتحدا في اللفظ لأنه مشتق من المخادعة فحينئذٍ لما اتحدا صار تناسب بينهما، وهو الجامع الآتي ذكره إن شاء الله.
{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13، 14] عطفت الثانية على الأولى، الأُولى إنشائية أو خبرية؟ خبرية لفظًا ومعنًى، ليس فيه تمني ولا والثانية؟ كذلك، والجامع بينهما؟ أبرار فجار، نعيم جحيم، تضاد، لأن التضاد هذا يعتبر مما يجمع به بين الأمرين. قال: (فالْوَصْلُ). إذًا (وَإِنْ تَوَسُّطٌ فالْوَصْلُ) هذا مبتدأ، (أَرْجَحُ) هذا الخبر، (بِجَامِعٍ) هذا متعلق بقوله: (فالْوَصْلُ). (فالْوَصْلُ) بين الجملتين بالواو (بِجَامِعٍ) هذا فيه اشتراط وجود الجامع، يعني لا يكون التوسط توسطًا إلا بوجود الجامع، فإن انتفى الجامع حينئذٍ انتفى التوسط، (بِجَامِعٍ) بين الجملة الأولى والثانية. أي: لا بد في جميع ذلك أن يكون مقرونًا بجامع أي وجه من وجوه المناسبة، لا وصل إلا بجامع، لا عطف لجملة ثانية على أولى إلا لمناسبة بينهما، فيكون باعتبار المسنَد إليهما، يعني ما هما أوجه الجامع أو المناسبة؟