الاستثناء في الإيمان

هناك مسائل أخرى تدخل، وهي مسألة الاستثناء في الإيمان، فإن السلف قالوا بأنه يجوز للمؤمن أن يستثني؛ لأنه يعلّق الإيمان على المصير، والمصير عند الله عز وجل، فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وكلمة (إن شاء الله) لا تعني أنه متردد في الإيمان كما يظن المرجئة، إنما تعني أنه مؤمن تحقيقاً في تعبيره عن إيمانه، وتعليقاً لأمر الغيب على ما قدر الله عز وجل في سابق علمه فقوله: أنا مؤمن إن شاء الله، بمعنى: إن كان الله عز وجل شاء لي هذا الإيمان.

فإن شاء الله ليست استثناء مما في النفس أثناء النطق، إنما هي استثناء بمشيئة الله العامة التي لا يخرج عنها أحد، والتي هي غيبية، فلذلك الإنسان إذا سئل هل أنت مؤمن؟ فله أن يقول: أنا مؤمن، ويتركها بلا استثناء، وله أن يستثني والاستثناء أولى، فإن قال: أنا مؤمن فيقصد التعبير عما يشعر به أثناء السؤال، لا أنه يجزم بمصيره، فالمصير عند الله عز وجل، لكنه يتفاءل ويرجو من الله كما يرجو سائر المؤمنين، وإن استثنى فهو الأولى من أجل أن يعلق رجاءه بالله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015