محبة الله للعبد سبب في سداد العبد وتوفيقه

كذلك خذ هذه البشرى في الدنيا قبل الآخرة، فإنك ستكون مسدداً موفقاً منصوراً لا مغلوباً إذا أحبك الله، وذلك ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بأحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، انظروا إلى الفضل في الدنيا وفي الآخرة، (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)، وفي رواية أخرى قال: (فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش)، وهذه الرواية مفسرة لقوله: (كنت سمعه وبصره) فلا حلول ولا اتحاد.

فقوله: (فبي) أي: بتوفيقي وتسديدي ونصرتي، فلا يسمع إلا ما أُحب، ولا يبصر ولا يرى إلا ما أُحب، ولا يتكلم إلا بما أُحب، ويده لا تبطش إلا فيما أُحب.

وهذا قد تحقق في وصف دقيق من عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما قالت: (ما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط ولكن إذا انتهكت محارم الله)، فكان يغضب لله جل في علاه فيسدد من قبل الله.

فأنت أخي الكريم! إذا أردت أن تكون محبوباً لله فاسمع إلى هذه الإشارات التي تبين محبة الله لك، وتجعلك في دعة وسرور، وتجعلك مستبشراً أنك محبوب لدى الله، فلا تفرغ سمعك إلا لما يحب الله، وإذا فرغت بصرك فلا تفرغه إلا لما يحب الله، وإذا فرغت قلبك من ذكر غير الله جل في علاه فأنت محبوب عند الله جل في علاه، موفق مسدد من قبل الله، وحينما تتقرب إلى الله بالفرائض فأنت محبوب، ثم ترتقي إلى منازل المحبة: فالمنزلة الأولى: هي منزلة المحبة، والثانية: هي منزلة المحبوبية، وهذه المنزلة إذا أتبعت الفرائض بالنوافل واجتهدت في النوافل وكررتها وثبت عليها كأنها فرائض بلغت درجة المحبوبية، وهذه الدرجة هي التي إذا بلغها عبد لا ينزل منها أبداً، حتى وإن عصى فإن الله يدركه برحمته فيلهمه التوبة، فيتوب عليه ثم يتوب ثم يرتقي منازل أعلى عند الله جل في علاه، فهنيئاً للمحبين لربهم، ولشرع ربهم، ولرسول ربهم، ولصحابة رسول ربهم صلى الله عليه وسلم، ورضوان الله عليهم أجمعين.

وهذه الصفة نتعبد بها لله جل في علاه، فنسارع فيما يحبه الله، ونثبتها لله دون تحريف ودون تكييف ودون تمثيل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015