قال رحمه الله: (منزل غير مخلوق) ، هذا فيه رد على الجهمية والمعتزلة، فقوله: (منزل) ، رد على من قال: إن القرآن ليس من لدن الله جل وعلا، وقوله: (غير مخلوق) ، رد على من قال: إنه منزل من الله، وهو كلام الله لكنه مخلوق، وهذا قول الجهمية الذين جرت منهم فتنة عظيمة على أهل الإسلام في أول القرن الثالث الهجري، حيث فتنوا الناس وعذبوا العلماء في مسألة خلق القرآن، وآزرهم في ذلك المأمون، فلما توفي سنة ثمان عشرة ومائتين للهجرة تولى كبر هذه الفتنة بعده ابنه المعتصم.
واستمرت الفتنة حتى رفعها الله وأنقذ الأمة بالإمام أحمد بن حنبل، كما قال علي بن المديني رحمه الله: إن الله أنقذ هذا الدين بـ أبي بكر في الردة، وبـ أحمد يوم الفتنة أو يوم المحنة؛ فإن الله ثبت الإمام أحمد على الحق والهدى حتى غدا إمام الدنيا في زمانه وما بعده، حيث ربط الله قلبه وسدده ووفقه إلى التمسك بما دل عليه الكتاب والسنة؛ من أن القرآن كلام الله غير مخلوق، فقول المؤلف رحمه الله: (منزل غير مخلوق) يرد به على الجهمية الذين قالوا: القرآن كلام الله لكنه مخلوق، فقال: (منزل) كما يعتقد أهل السنة والجماعة وكما تعتقد الجهمية، لكنه غير مخلوق.
فكلام الله صفة من صفات الله، وليس خلقاً من خلقه.