ومن رأى النفي بـ (لن) مؤبداً ... فقوله انبذ وسواه فاعضدا
قد يقول قائل: ماذا عن قول الله -جل وعلا-: {لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [(73) سورة الحج]؟ إذا كانت (لن) ليست للتأبيد فبالإمكان أن هؤلاء الذين صنعوا ما صنعوا من الطائرات والغواصات وغيرها يصنعون ذباب؛ لأن (لن) ليست للتأبيد؟ نقول: دلت الأدلة الأخرى أنهم لن يخلقوا مخلوق من مخلوقات الله -جل وعلا- لن يوجدوا مثله، والتمثيل المذكور في آخر سورة الحج يدل على أنهم أحقر من أن يخلقوا لو سلبهم شيء ما استطاعوا أن يستخرجوه منه {وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ} [(73) سورة الحج] لن يستطيعوا، ولذلك يقول أهل العلم من الأطباء: إن في لعابه مادة تتلف ما سلبه مباشرة، هذا المخلوق الضئيل الحقير لو اجتمعت أمة الثقلين تستخرج من الذباب ما سلبه ما استطاعوا، فكيف يستطيعون أن يخلقوا مثله؟! هو أعظم من أن يخلقوا مثله.
فالرؤية رؤية المؤمنين لربهم في الجنة ثابتة بالدلائل القطعية من الكتاب والسنة، وأما بالنسبة لرؤيته في الدنيا فلا، فلن يراه أحد حتى يموت، والخلاف في النبي -عليه الصلاة والسلام- هل رأى ربه في الإسراء بين الصحابة معروف.
وأجاب -عليه الصلاة والسلام- لما سئل، قال: ((نور أنى أراه؟ )) يعني كيف؟ استبعاد؛ لأن تركيب البشرية في حال الدنيا لا تطيق مثل هذا.
ولذا قال جاء في الخبر الصحيح: ((حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه من انتهى إليه بصره)) فكيف يثبت مخلوق لرؤية البارئ في هذه الدنيا بتركيبه الدنيوي، ما يمكن.
الرؤية رؤية الرب -جل وعلا- في المنام، عرفنا أنه في اليقظة لا يمكن، من أهل العلم كابن عباس وغيره من أثبتوا الرؤية رؤية الرب ليلة الإسراء من قبل النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن المرجح عند أهل السنة أنه لم يره، رؤية الرب -جل وعلا- في المنام في حديث اختصام الملأ الأعلى ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رآه، وفيه أيضاً حوادث وقصص للصحابة، ومن تبعهم بإحسان أنهم ذكروا أنهم رأوه.