وأطلق جمع من أهل العلم تكفير من ينفي الرؤية؛ لأنها ثابتة بالنصوص القطعية من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وأنكرها الجهمية والمعتزلة والرافضة والخوارج من الإباضية وغيرهم أنكروا الرؤية، وقالوا: إن الرؤية تستلزم الجهة، والله -جل وعلا- ليس في جهة، لكن المقرر عند أهل السنة والجماعة أنه في جهة العلو، ليس فوقه شيء، فإثبات الجهة ونفيها مما لم يخض فيه السلف، ولم يرد به نص، فإذا أطلقت الجهة نفيًا أو إثباتاً، لا بد من الاستفصال، فمن أثبتها مريداً بها جهة العلو فحق، وإن أريد بها جهة ثانية غير العلو فلا، ومن نفاها مريداً بها نفي سائر الجهات غير العلو فكلامه صحيح، وإن أراد بذلك نفي الجهة ويريد بذلك نفي العلو لله -جل وعلا- على خلقه فكلامه باطل، فالله -جل وعلا- مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، فوق سبع سماوات، وأدلة العلو أكثر من أن تحصر.
والمؤمنون يرون حقاً ربهم ... . . . . . . . . .
المبتدعة اعتمدوا في نفي الرؤية على أنها تستلزم الجهة، وبقول الله -جل وعلا- لموسى: {لَن تَرَانِي} [(143) سورة الأعراف] وقالوا: إن (لن) هذه للتأبيد، يعني لن تراني أبداً، والرد عليهم من وجوه:
أولا: أن (لن) لا تقتضي التأبيد.
الأمر الثاني: أنه علق الرؤية على أمر ممكن، {وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [(143) سورة الأعراف] علق الرؤية على أمر ممكن وليست مستحيلة كما يقولون، ولو كانت مستحيلة لما طلبها موسى -عليه الصلاة والسلام-، فهي ممكنة، لكن {لَن تَرَانِي} في الدنيا، وجاء في الحديث أنه: ((لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت)) فالرؤية في الدنيا غير ممكنة، ولن هذه ليست للتأبيد كما يقول المعتزلة، ويقرره الزمخشري.
ففي قوله -جل وعلا- {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [(95) سورة البقرة] مع قوله: {فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ} [(94) سورة البقرة] ومع قوله: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] تمنوه، فـ (لن) مع التأبيد ما دلت على التأبيد، فدل على أن (لن) لا تقتضي التأبيد، وابن مالك -رحمه الله تعالى- يقول: