وما جاء في الآيات عند الأشعرية عبارة عن كلام الله -جل وعلا-، وليس هو كلام الله حقيقة، وإنما كلامه ما في نفسه -جل وعلا-، ويوافقهم الماتريدية إلا أنهم يقولون: حكاية عن كلام الله -جل وعلا-، نسمع في كلام بعض العلماء وطلاب العلم في مؤلفاتهم أو في كلامهم ومواعظهم يقولون: قال الله -جل وعلا- حكاية عن فرعون، أو قال -جل وعلا- حكاية عن كذا، فهل هذا فيه تأثر بمذهب الماتريدية والأشاعرة؟ هو نسب القول إلى الله -جل وعلا-، المبتدع يقول: حكاية عن كلام الله، وهذا يقول: هو كلام الله يحكيه على لسان فلان، إذا نظرنا في أصل المسألة وجدنا أنها لا إشكال فيها إلا من جهة المشابهة في اللفظ، أولئك يقولون: حكاية عن كلام الله، وهؤلاء يقولون: حكاية عن كذا، فلفظ الحكاية ينبغي أن يتقى؛ لأنه يوقع في لبس، ويظن بالقائل أنه يوافق المبتدعة، وفرق بين شخص عرف عنه أنه على مذهب أهل السنة والجماعة، فيقبل منه هذا الكلام؛ لأنه لا يظن به أنه يعتقد قول المبتدعة، ويمكن حمل كلامه على وجه صحيح، بينما لو كان الشخص من المبتدعة، من الماتريدية أو الأشعرية قلنا: لا يا أخي، لا، لا، لا تقل مثل هذا الكلام.
أقول: ونظير ذلك بعض الشراح أو أكثر الشراح حينما يأتون إلى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((والذي نفسي بيده)) يقولون: روحي في تصرفه، إذا كان هذا الشارح ممن ينفي الصفات عن الله -جل وعلا- بما في ذلك اليد، قلنا: كلامك باطل؛ لأنك قلت مثل الكلام للفرار عن إثبات اليد لله -جل وعلا-، وإذا كان عرف بأنه يثبت اليد لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وقال معنى: ((والذي نفسي بيده)) روحي في تصرفه كلام صحيح، ما في روح ليست في تصرف الله -جل وعلا-، لكن إن كان قال ذلك متذرعاً هارباً عن إثبات الصفة لله -جل وعلا-، فلا شك أن مثل هذا يرد عليه، وعلى كل حال النص في إثبات اليد لله -جل وعلا- على ما لا يليق بجلاله وعظمته ولازمه ومعروف.
وأقول في القرآن ما جاءت به ... آياته فهو القديم المنزلُ