فَمَتَى كَانَ القَلبُ فِيهِ غَير الله، فَالله أَغنَى الأَغْنِيَاءِ عَن الشِّرْكِ، وَهو لاَ يَرْضَى بِمُزَاحَمَةِ أَصْنَامِ الهَوَى، الحقُّ تَعَالَى غَيُورٌ، يَغَارُ عَلَى عَبدِهِ المُؤمِن أَن يَسْكُنَ في قَلْبِهِ سِوَاهُ، وأَن يَكُونَ فِيهِ شَيءٌ لا يَرْضَاهُ.
أَرَدْنَاكُمُ صِرْفَاً فَلَمَّا مَزَجْتُمُ ... بَعُدْتُمْ بِمِقْدَارِ التِفَاتِكُمْ عَنَّا
وَقُلْنَا لَكُمْ لا تُسْكِنُوا القَلبَ غَيرَنَا ... فَأَسْكَنْتُمُ الأَغْيَارَ مَا أَنْتمُ مِنَّا (?)
ـQاستشهد المؤلِّف -رحمه الله- في هذا المقام بأنَّ كمالَ المحبَّة يقتضي كمال الطاعة، وقد استشهد على ذلك بالحديث القدسي الذي أخرجه البخاري في «صحيحه» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفيه: «ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصَرَه الذي يُبصِرُ به، ويَدَه التي يَبطِشُ بها، ورِجْلَه التي يمشي بها».
وفي روايةٍ في غير «الصحيح»: «فبي يَسْمَعُ، وبي يُبْصِرُ، وبي يَبْطِشُ، وبي يَمْشِي»، وهذا اللفظ يُفِيدُه اللفظ الأول: «كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها».
فالمؤمنُ المُحِبُّ الصَّادِقُ تكون جميع تصرُّفاتِه لله وفي الله، كما في الحديث: «مَن أحبَّ لله وأبغضَ لله وأعطى لله ومَنَعَ لله فقد استكمَلَ الإيمان» (?).