فَإِنَّ مَن امْتَلأَ قَلبُه مِن مَحَبَّةِ الله لَمْ يَكُن فِيهِ فَرَاغٌ لِشَيءٍ من إِرَادَاتِ النَّفْسِ وَالهَوَى، وَإِلى ذَلِكَ أَشَارَ القَائِلُ بِقَولِهِ (?):
أَرُوحُ وَقَد خَتَمتَ عَلَى فُؤادِي ... بِحُبِّكَ أن يَحُلَّ بِهِ سِوَاكَ
فَلَو أَني استَطَعتُ غَضَضْتُ طَرْفِي ... فَلَم أَنْظُرْ بِهِ حَتَّى أَرَاكَا
أُحِبُّكَ لا بِبَعْضِي بَلْ بِكُلِّي ... وَإِنْ لَمْ يُبْقِ حُبُّكَ لي حِرَاكَا
وَفي الأَحْبَابِ مَخْصُوصٌ بِوَجْدٍ ... وَآخَر يَدَّعِي مَعَهُ اشْتِرَاكَا
إِذَا اشْتَبَكَتْ (?) دُمُوعٌ في خُدُودٍ ... تَبَيَّنَ مَن بَكَا مِمَّنْ تَبَاكَى
فَأَمَّا مَن بَكَى فَيَذُوبُ وَجْدَاً ... وَيَنْطِقُ بِالهَوَى مَن قَد تَشَاكَا
مَتَى بَقِيَ لِلمُحِبِّ مِن نَفْسِهِ حَظٌّ فَمَا بِيَدِهِ من المَحَبَّةِ إِلاَّ الدَّعْوَى، إِنَّمَا المُحِبُّ مَن يَفْنَى عَن [هوى] نَفْسِهِ كُلِّهِ، وَيَبْقَى بِحَبِيبِهِ، فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ.
القَلبُ بَيتُ الرَّبِّ، وفي الإِسرَائِيلِيَّات يَقُولُ الله: (مَا وَسِعَنِي سَمَائِي وَلا أَرْضِي، وَلَكِن وَسِعَنِي قَلْبُ عَبدِي المُؤمِن) (?).