ويخافون عذابه} [الإسراء: 57]، فلابد أن تقوم العبادة على هذه الأصول.
والصوفية -بعضُهم أو كثيرٌ منهم- يبالغون في تعظيم مقام المحبة، ولا يعظِّمون مقام الرَّجاء والخوف، بل ربما استنقصوا مقام الرَّجاء والخوف، وهذا من أغلاطهم، كما يروى عن بعضهم قوله: (أنا لا أعبد الله حُبَّاً ورَغبَةً في جنَّتِه ولا خَوفَاً من نَارِه)، بمعنى أنَّه لا يعبده إلا بدافع الحبِّ فقط، وهذا غلطٌ (?)؛ فالله تعالى أمر بخوفه ورجائه وأثنى على أوليائه بالخوف والرجاء فقال تعالى: {إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ في الخَيرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبَاً وَرَهَبَاً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء:90].
ولعل هذه المقدمة تنفع في ملاحظة ما سيأتي من استشهادات المؤلِّف -رحمه الله- بعبارات بعض أعلام الصوفية، كما ذكره هنا، لكن جملةُ ما ذَكَرَه هنا أنَّ محبةَ الله الصادقة تقتضي محبَّة ما يُحِبه وبُغضَ ما يُبغِضه، وأنَّ خلاف ذلك قادحٌ في المحبَّة بقدرِ ما يقع من تلك المخالفة، وهذا كلامٌ صحيحٌ، وحقٌ لا نزاع فيه.