وأني رسول الله» (?)، وقوله في حديث معاذٍ رضي الله عنه: «ما من عبد يشهد: أن لا إله إلا الله وأن محمَّدَاً عبده ورسوله ...»، وقوله في حديث عُبَادةَ رضي الله عنه: «مَن شَهِدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّداً رسول الله ....» فعبَّر في هذه الأحاديث بلفظ «الشهادة».
ولذا فالذي يقول بلسانه «لا إله إلا الله» من غير علمٍ بمعناها، ولا يقينٍ بمقتضاها هو في الحقيقة لم يتحقَّق بحقيقة هذه الشهادة، إنما هو يقول هذه الكلمة بلسانه فقط، وليس هذا هو المطلوب من العبد في هذا الأصل العظيم، وليس هذا أيضاً هو الذي رُتِّبَ عليه الوعد من دخول الجنة، والنجاة من النار، فهذا الوعد العظيم ليس مرتباً على مجرد النطق بها مع الإتيان بكلِّ أو ببعضِ ما يَنْقُضُها.
والأدلة على بطلان هذا الفهم السيئ كثيرة:
- فالصحابة رضي الله عنهم قاتلوا المرتدين أتباع مسيلمة، وهم يقولون: لا إله إلا الله.
- وقاتلوا مانعي الزكاة، وهم يقولون: لا إله إلا الله.
- وقَتَلَ عليٌّ رضي الله عنه السَّبَئِيَّة الغلاة، وهم يقولون: لا إله إلا الله، وهكذا.
وقد أوضح هذا المعنى وجَلاَّه واستشهد له ببعضِ هذه الشواهد وغيرِها الشيخُ المجدِّدُ محمَّدُ بنُ عبد الوهاب -رحمه الله- في آخر رسالته المعروفة بـ «كشف الشبهات»، فقد أبطل هذه الشبهة، شبهة غلاة المرجئة الذين يقولون: إنه يكفي في التحقق من الإسلام وعصمة الدم والمال قول: لا إله إلا الله، وقد أتى الشيخ -رحمه الله- بشواهد وأدلة قيمة مفحمة لأصحاب هذا التوجه الباطل.
وسيورد المؤلِّف -رحمه الله- مذاهب أهل السنة في هذه الأحاديث، فإن هذه الأحاديث يمكن أن يَصدُق عليها أنَّها من النصوص المتشابهة، فإنَّ القرآن والحديث فيهما مُحكَمٌ ومتشابِهٌ، فيهما الواضحُ البَيِّنُ، وفيهما المتشابه المشْكِلُ معناه، وهذا كما قال تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم