فمن أشرَكَ مخلوقاً في شيءٍ من هذه الأمور التي هي من خَصَائِصِ الإِلَهِيَّة، كَانَ ذَلكَ قَدْحَاً في إِخلاَصِه في قَولِ: لا إله إلا الله، ونَقصَاً في توحِيدِهِ، وكانَ فيه من عُبُودِيَّةِ ذلك المخلُوقِ بحسْبِ ما فِيهِ مِن ذَلكَ، وهذا كُلُّه من فُرُوعِ الشِّرْكِ).
ثم تكلم عن محبَّة الله عز وجل، وذكر أنَّ المحبَّة متى تَمَكَّنَت من القَلبِ لم تَنبَعِث الجَوَارِحُ إلاَّ إِلى طَاعَةِ الرَّبِّ عز وجل.
ثم تكلَّم عن الصِّدق في قول «لا إله إلا الله»، وذكر أنَّ (مَن دَخَلَ النَّارَ مِن أَهلِ هَذِه الكَلِمَةِ فَلِقِلَّةِ صِدقِهِ فِي قَولِهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الكَلِمَةَ إِذَا صَدَقَت طَهَّرَت القَلبَ مِن كُلِّ مَا سِوَى اللَّهِ، وَمَتَى بَقِيَ فِي القَلبِ أَثَرٌ لِسِوَى اللَّهِ فَمِن قِلَّةِ الصِّدقِ فِي قَولِهَا.
مَن صَدَقَ فِي قَولِهِ «لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ» لَم يُحِبَّ سِوَاهُ، لَم يَرْجُ إِلاَّ إِيَّاهُ, لَم يَخْشَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهُ, لَم يَتَوَكَّل إِلاَّ عَلَى اللَّهِ, لَم يُبقِ لَهُ بَقِيَّةً مِن آثَارِ نَفسِهِ وَهَوَاهُ).
ثم ختم المؤلِّف رسالته بفصلٍ ذكر فيه جملةً وافرةً من فضائل كلمة التوحيد، ثم ختم هذا الفصل بالحثِّ على تحقيق التوحيد والتمسك بأصل الدين، لأنه - كما يقول - (لا يوصل إلى الله سواه، ولا ينجي من عذاب الله إلا إياه).
هذا تفصيلٌ مجمَلٌ لما اشتملت عليه هذه الرِّسالة المباركة من موضوعات.
وهذه الرسالة على صغر جحمها وقلة عدد أوراقها إلا أنَّ المؤلِّف حشد فيها من الآيات والأحاديث والأقوال والنقول شيئاً كثيراً.
وأكثر فيها من النقل عن أعلام الصوفية المتقدِّمين، أمثال الجنيد وأبي سليمان الداراني وذي النون المصري ويحيى بن معاذ ورُوَيْم وغيرهم، وساق جملة من أقوالهم في المحبة وغيرها.