بالمنهج الصوفي كان لها أثرٌ في اقتباسه لبعض عباراتهم، ونقله عن بعض أئمتهم، وخصوصاً في باب السلوك وتهذيب النفوس، متحاشياً ما انطوت عليه عقائدهم من شطحات وخرافات وانحرافات.
ابن رجب -رحمه الله- معدودٌ من كبار علماء الحنابلة في زمانه، بل (هو الذي نشر مذهب الامام أحمد بن حنبل ببيت المقدس ثم بدمشق) (?)، ووصفه غير واحد بـ «شيخ الحنابلة» وقال ابن حجي: (تخرَّج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق).
فعنايته رحمه الله بمذهب الإمام أحمد أمرٌ ظاهرٌ، وقد صنَّف في قواعد المذهب كتابه العجيب «تقرير القواعد وتحرير الفوائد»، وهو من أجلِّ مصنفاته الفقهية و (يدل على معرفة تامَّة بالمذهب) كما قال برهان الدِّين ابن مفلح (?).
وصنَّف في تراجم الحنابلة كتاباً ذيَّل به على «طبقات ابن أبي يعلى»، وجاء فيه بفوائد علمية متنوعة.
فحنبليَّةُ ابنُ رجبٍ أشهرُ من أن تُذكَر أو أن يُدلَّل عليها، لكنَّه - مع هذا - لم يكن من المقلِّدة المتعصِّبَة، بل كان يدور في فَلَكِ الدَّليل حيث دَارَ، مرجِّحاً ما دلَّ عليه النصُّ الشرعي ولو خالف المذهب.
كان -رحمه الله- إلى جانب رسوخ قدمه في فنون العلم واعظاً بليغاً مؤثِّراً، فكانت مجالس وعظه مشهودة، وكان لوعظه وقعٌ في النفوس وتأثيرٌ في القلوب.
وكان يسبك مواعظه في قالب أثريٍّ، فتجده كثير الاستشهاد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية مع ذكر جملةٍ وافرةٍ من أقوال السلف، وقد يورد