فإنك إذا عرفتَ أن الإنسان يكفر بكلمة يُخرجِها من لسانه، وقد يقولها وهو جاهل فلا يُعذر بالجهل، وقد يقولها وهو يظن أنها تُقرِّبه إلى الله كما ظن المشركون، خصوصاً إن ألهمك الله ما قصَّ عن قوم موسى مع صلاحهم وعلمهم أنهم أتوه قائلين: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} فحينئذ يعظم خوفك وحرصك على ما يُخلِّصُك من هذا وأمثاله.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 1 الفرح المذموم كما في آية {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} 2، لكنه في الدين ممدوح ومحبوب وواجب كما دلت عليه هذه الآية؛ هو خير مما فرح الناس به وهو الدنيا؛ لو اجتمعت لأحد، مع أنها لا تجتمع لأحد، ولو اجتمعت فهي للزوال والاضمحلال. وما كان لله مقصودٌ به وجهَ الله فهو باقٍ لا يزول. فأفاد أن الفرح بفضل الله وبرحمته واجب. (وأفادك أيضاً الخوف العظيم) هذه هي الفائدة الثانية؛ يفيدك مع ما تقدم من الفرح العظيم الخوفَ على نفسك ودينك، فتفرح بالدين والعمل به، وتخاف على نفسك من زوال هذه النعمة وذهاب هذا النور؛ وهي معرفتك دين المرسلين واتباعه ومعرفتك دين المشركين واجتنابه، مع أن أكثر الناس في غاية الجهل به.
(فإنك إذا عرفتَ أن الإنسان يكفر بكلمة) واحدة (يخرجِها من لسانه) دون قلبه (وقد يقولها وهو جاهل) لا يدري ما تبلغ به من