فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفار.

بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني. والحاذق منهم يظن أن معناها لا يخلق ولا يرزق إلا الله ولا يدبر الأمر إلا الله. فلا خير في رجلٍٍ جُهَّالُ الكفار أعلمُ منه بمعنى لا إله إلا الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(فإذا عرفت أن جهال الكفار) كأبي جهل فرعون هذه الأمة وأَضْرابِه (يعرفون ذلك) يعني معنى لا إله إلا الله كما تقدم (فالعجب ممن يدعي الإسلام) بل يدعي العلم؛ بل يدعي الإمامة في الدين (وهو لا يعرف من هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفار) فإن هذا –ادعاؤه الإسلام- فضلاً عن العلم فضلاً عن الإمامة، ويخفى عليه ذلك الذي بان وظهر لجهال الكفار، هذا في الحقيقة من أعجب العجب؛ بل من أعظم الجهل وأفحش الخطأ.

(بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني) فإن أبا جهل وأضرابه لو يعلمون أن هذا هو المراد لما تلعثموا في قولها ولا نازعوا، وكذلك لو فهموا أن المراد الربوبية لسارعوا إلى ذلك ولم ينازعوا، لكن علموا أن معناها أن يكون الإله المعبود هو الله وحده دون كل ما سواه والتبرِّي مما سواه، وأنه لابد من اعتقاد ذلك ووجود في العمل، وأنها تُبطِل جميع ما هم عليه من دين آبائهم وأجدادهم (والحاذق منهم) الذي يرى أن المراد شيء آخر غير اللفظ يخطئ المعنى المراد ولا يعرفه (يظن أن معناها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015