قال رحمه الله تعالى: [وشبيب هذا صدوق، روى له البخاري، لكنه قد روي له عن روح بن الفرج أحاديث مناكير، رواها ابن وهب، وقد ظن أنه غلط عليه، ولكن قد يقال: مثل هذا إذا انفرد عن الثقات الذين هم أحفظ منه، مثل شعبة وحماد بن سلمة وهشام الدستوائي بزيادة، كان ذلك عليه في الحديث، لا سيما وفي هذه الرواية أنه قال: (فشفعه في وشفعني في نفسي)، وأولئك قالوا: (فشفعه في وشفعني فيه).
ومعنى قوله: (وشفعني فيه) أي: في دعائه، وسؤاله لي، فيطابق قوله: (وشفعه في).
قال أبو أحمد بن عدي في كتابه المسمى بالكامل في أسماء الرجال، ولم يصنف في فنه مثله: شبيب بن سعيد الحبطي أبو سعيد البصري التميمي حدث عنه ابن وهب بالمناكير، وحدث عن يونس عن الزهري بنسخة الزهري أحاديث مستقيمة، وذكر عن علي بن المديني أنه قال: هو بصري ثقة كان من أصحاب يونس، كان يختلف في تجارة إلى مصر، وجاء بكتاب صحيح.
قال: وقد كتبها عن ابنه أحمد بن شبيب، وروى عن عدي حديثين عن ابن وهب عن شبيب هذا عن روح بن الفرج: أحدهما: عن ابن عقيل عن سابق بن ناجية عن ابن سلام قال: مرّ بنا رجل فقالوا: إن هذا قد خدم النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: عنه عن روح بن الفرج عن عبد الله بن الحسين عن أمه فاطمة حديث دخول المسجد.
قال ابن عدي: كذا قيل في الحديث عن عبد الله بن الحسين عن أمه فاطمة بنت الحسين عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: ولـ شبيب بن سعيد نسخة الزهري عنده، عن يونس عن الزهري وهي أحاديث مستقيمة.
وحدث عنه ابن وهب بأحاديث مناكير.
وإن حدثني روح بن الفرج اللذين أمليتهما، يرويهما ابن وهب عن شبيب، وكان شبيب بن سعيد إذا روى عنه ابنه أحمد بن شبيب نسخة الزهري: ليس هو شبيب بن سعيد الذي يحدث عنه ابن وهب بالمناكير التي يرويها عنه، ولعل شبيباً بمصر في تجارته إليها كتب عنه ابن وهب من حفظه فيغلط ويهم، وأرجو أن لا يتعمد شبيب هذا الكذب.
قلت: هذان الحديثان اللذان أنكرهما ابن عدي عليه، رواهما عن روح بن القاسم، وكذلك هذا الحديث حديث الأعمى رواه عن روح بن القاسم، وهذا الحديث مما رواه عنه ابن وهب أيضاً، كما رواه عنه ابناه، لكنه لم يتقن لفظه كما أتقنه ابناه، وهذا يصحح ما ذكره ابن عدي، فعُلم أنه محفوظ عنه.
وابن عدي أحال الغلط عليه لا على ابن وهب، وهذا صحيح إن كان قد غلط، وإذا كان قد غلط على روح بن القاسم في ذينك الحديثين أمكن أن يكون غلط عليه في هذا الحديث.
وروح بن القاسم ثقة مشهور روى له الجماعة؛ فلهذا لم يحيلوا الغلط عليه.
والرجل قد يكون حافظاً لما يرويه عن شيخ، وغير حافظ لما يرويه عن آخر، مثل إسماعيل بن عياش فيما يرويه عن الحجازيين، فإنه يغلط فيه، بخلاف ما يرويه عن الشاميين، ومثل سفيان بن حسين فيما يرويه عن الزهري، ومثل هذا كثير فيحتمل أن يكون هذا يغلط فيما يرويه عن روح بن القاسم إن كان الأمر كما قاله ابن عدي، وهذا محل نظر].