قال رحمه الله تعالى: [وهذا بخلاف أئمة الحديث الذين يحتجون به ويبنون عليه دينهم، مثل مالك بن أنس، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، والبخاري، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وأبي داود، ومحمد بن نصر المروزي، وابن خزيمة، وابن المنذر، وداود بن علي، ومحمد بن جرير الطبري، وغير هؤلاء، فإن هؤلاء الذين يبنون الأحكام على الأحاديث يحتاجون أن يجتهدوا في معرفة صحيحها وضعيفها وتمييز رجالها.
وكذلك الذين تكلموا في الحديث والرجال ليميزوا بين هذا وهذا لأجل معرفة الحديث كما يفعل أبو أحمد بن عدي، وأبو حاتم البستي، وأبو الحسن الدارقطني وأبو بكر الإسماعيلي، وكما قد يفعل ذلك أبو بكر البيهقي، وأبو إسماعيل الأنصاري، وأبو القاسم الزنجاني، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد بن حزم وأمثال هؤلاء، فإن بسط هذه الأمور له موضع آخر.
ولم يذكر من لا يروي بإسناد مثل كتاب وسيلة المتعبدين لـ عمر الملا الموصلي، وكتاب الفردوس لـ شهريار الديلمي، وأمثال ذلك فإن هؤلاء دون هؤلاء الطبقات، وفيما يذكرونه من الأكاذيب أمر كبير.
والمقصود هنا، أنه ليس في هذا الباب].
يقصد باب التوسل البدعي.
قال رحمه الله تعالى: [والمقصود هنا، أنه ليس في هذا الباب حديث واحد مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يُعتمد عليه في مسألة شرعية باتفاق أهل المعرفة بحديثه، بل المروي في ذلك إنما يعرف أهل المعرفة بالحديث أنه من الموضوعات إما تعمداً من واضعه، وإما غلطاً منه].
هذه في الحقيقة خلاصة كافية، والشيخ سيكررها أيضاً وسيستدل تفصيلاً على أن التوسلات البدعية التي يتدرع بها أهل الأهواء والبدع قديماً وحديثاً ليس فيها حديث واحد مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقوم دليلاً على ما قالوه، فضلاً عن أن يكون هناك حشد من الأدلة كما زعموا، كذلك فيما يتعلق بآثار السلف في التوسل البدعي يقول الشيخ: إن أكثرها ضعيفة، كما سيأتي في الفقرة التالية.