قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد رواه أبو موسى المديني في أماليه، وأبو عبد الله المقدسي، على عادة أمثالهم في رواية ما يروى في الباب، سواء كان صحيحاً أو ضعيفاً، كما اعتاده أكثر المتأخرين من المحدثين، أنهم يروون ما روي به الفضائل، ويجعلون العهدة في ذلك على الناقل، كما هي عادة المصنفين في فضائل الأوقات والأمكنة والأشخاص والعبادات.
كما يرويه أبو الشيخ الأصبهاني في فضائل الأعمال وغيره، حيث يجمع أحاديث كثيرة لكثرة روايته، وفيها أحاديث كثيرة قوية صحيحة وحسنة، وأحاديث كثيرة ضعيفة وموضوعة وواهية.
وكذلك ما يرويه خيثمة بن سليمان في فضائل الصحابة، وما يرويه أبو نعيم الأصبهاني في فضائل الخلفاء في كتاب مفرد، وفي أول حلية الأولياء.
وما يرويه أبو الليث السمرقندي وعبد العزيز الكناني وأبو علي بن البناء وأمثالهم من الشيوخ، وما يرويه أبو بكر الخطيب وأبو الفضل بن ناصر وأبو موسى المديني وأبو القاسم بن عساكر والحافظ عبد الغني وأمثالهم ممن له معرفة بالحديث، فإنهم كثيراً ما يروون في تصانيفهم ما روي مطلقاً على عادتهم الجارية؛ ليعرف ما روي في ذلك الباب لا ليحتج بكل ما روي، وقد يتكلم أحدهم على الحديث ويقول: غريب، ومنكر، وضعيف.
وقد لا يتكلم].
وهؤلاء الذين كتبوا على المنهج الأول الذي ذكرته -أعني مجرد الجمع- ليس عندهم اهتمام بتمحيص الروايات ودراسة أسانيدها وتبيين الصحيح من الضعيف، وإن بيّنوا فليس ذلك هو الغالب، نعم قد يقول أحدهم عند حديث من الأحاديث: هذا صحيح أو هذا ضعيف أو شاذ أو منكر لكن لا يلتزم هذه القاعدة، فهم إذاً ليس عندهم إلا مجرد الجمع، وليس كل ما جمعوه يعتبر عندهم صحيحاً ولا حجة، ولا يلزم أن يكونوا أقروه، بمعنى أنهم يروون ويتركون العهدة على الرواة، بل إن عمل كثير من هؤلاء الأئمة والمحدثين على غير مقتضى ما رووه في كثير من الأمور التي فيها شيء من البدع أو فيها شيء من المخالفات للسنة، فإنهم يلتزمون السنة، هذا بالنسبة لأعمالهم وعباداتهم، لكن فيما يروونه لا يقصدون به إلا الحشد والجمع، بخلاف الصنف الثاني الذين سيذكرهم الشيخ، وهم الذين يروون من الحديث ما يرون الاحتجاج به.