[وأما السفر إلى مسجده للصلاة فيه، والسفر إلى المسجد الأقصى للصلاة فيه فهو مستحب].
السفر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مستحب من عدة وجوه: أولاً: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، هذا فيه إشارة إلى أن المسجد استحق أن تشد إليه الرحل وهذا يفهم الندب والاستحباب.
ثانياً: أن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة فيما سواه، فهذا فضل يشرع القصد إليه إذا جمعناه مع حديث (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد)، فإذا أخذنا بهذا النص وأخذنا بالأصل بأن المسلم بإرشاده إلى الخيرات يسابق العمل الصالحات وإلى مضاعفة الأجر والحسنات وهذا الفضل مذكور ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فإذاً: يشرع شد الرحال والسفر إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة فيه، ولا يمنع هذا من أن يكون في نية المسلم أنه إذا وصل إلى المسجد سيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه كما تزار المقابر ويسلم عليه سلام الشرع، وإنما الممنوع أن يكون إنشاء السفر أصلاً من أجل زيارة القبر، فالظاهر أنه من البدع، أما أن ينشئ السفر من أجل الصلاة في المسجد، ثم يكون في نيته ويحتسب ذلك عند الله عز وجل أن يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فهذا أمر فضل من الله عز وجل.
ولذلك كثير من الناس يقع في حرج؛ لأنه يعجز عن فك الهدفين في قلبه يقول: إني أعجز عن أن أدفع حب النبي صلى الله عليه وسلم بأن إذا وصلت إلى المسجد أذهب إلى قبره وأزوره، نقول: نعم لا حرج في أن يكون من مقاصدك بعدما تصل أن تسلم، وهذا أمر مشروع، بل من الجفاء أن يأتي المدينة وهو من غير أهلها فلا يسلم ولا يزور قبور الصحابة، فإن هناك -فيما يبدو لي- بعض الناس الذين كثر عندهم طرق موضوع ما يفعله أهل البدع حول البقيع وحول قبور الشهداء وحول قبر النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك، يستشعر أن زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لمن يأتي من خارج المدينة وزيارة المقابر غير مشروعة، فأقول: بالعكس فهذا مشروع، والذي لا يشرع هو أن يكون قصد السفر زيارة القبور.