قول حذيفة: (كل عبادة لا يتعبدها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلا تعبدوها)، هذه قاعدة شرعية عظيمة، أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نقلوا عبادتهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم نقلة هذا الدين؛ إذاً: فالعبادات توقيفية، فما لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته فهو من البدع، وهذا فيه إشارة إلى أن الصحابة لا يقعون في البدع، وأن الله عز وجل حماهم وعصمهم من أن يكون منهم أحد من أهل الأهواء والبدع والافتراق؛ فكان اتباعهم والأخذ عنهم والاقتداء بهم هو السنة.
ثم قال: (فاتقوا الله يا معشر القراء) ويقصد بالقراء: طلاب العلم؛ لأن طالب العلم أول ما يبدأ بقراءة القرآن، ثم إذا أتقنه وتعلمه شرع في تعلم الفقه في الدين، بحسب ما يتيسر له من المقدرة والوقت، فطلاب العلم الناشئين مثلما نسميهم الآن: طلاب الحلقات طلاب المدارس صغار السن من الشباب الذين يحضرون مجالس العلم والدروس، هؤلاء يسمون القراء في مصطلح الصحابة والتابعين.
وقوله: (فاتقوا الله يا معشر القراء! وخذوا طريق من كان قبلكم)، يعني: على السنة، (طريق من كان قبلكم) ليس المقصود بها مطلقاً، (من كان قبلكم)، يعني: الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته، وهذا مفهوم من السياق.