في حديث أبي هريرة الأول ذكر الغرباء، وذكر وصفهم حينما قال: (فطوبى للغرباء، الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي)، فهنا الغرباء هم أهل الإصلاح أهل السنة والجماعة، الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، فهي تعني طائفة من المسلمين، وهم الذين يتصدون للباطل ويدعون للسنة.
وفي النصوص الأخرى كثير من الأحاديث فيها ضعف، لكن بعض معانيها وردت في الصحاح، وكثير منها فيها ضعف إما في ألفاظها أو أسانيدها، وكثير منها وردت في أحاديث صحيحة، فهي في الجملة صح منها الكثير، لكن قد يكون بعض ألفاظها فيه نظر.
وفيما يتعلق بالإشارة إلى أن المستمسك الصابر على السنة اليوم له أجر خمسين، هذا له توجيهات كثيرة، ولعل من أحسنها أن المقصود الأجر وليس مطلق الفضل؛ لأن هذا قد يتعارض مع فضل الصحابة رضي الله عنهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم ذكر في فضل الصحابة ما لم يكن لغيرهم ممن يأتون بعدهم.
فله في هذا وجوه كثيرة في الجمع، وأحسنها وجهان: الوجه الأول: أن يقال: قد يوجد من أفراد الأمة في آخر الزمان -ولكن ليسوا كثرة- من يكون له أجر خمسين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، لكن هذا لا يكون في جماعة أو طائفة تكون أفضل من الصحابة، إنما هم نزَّع من أفراد الأمة؛ وهذا توجيه لا بأس به.
الوجه الثاني: أن يقال: إن هذا الأجر -أجر الخمسين- على عمل معين، وليس على جميع الأعمال، ولا يعني الأفضلية المطلقة، فإن أفضلية صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعدلها شيء، لكن تتفاضل من بعض الوجوه، وليس من جميع الوجوه.