قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في غربة الإسلام وفضل الغرباء.
وقول الله تعالى: {فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود:116]، الآية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (بدأ الإسلام غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)، رواه مسلم، ورواه أحمد من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه: (قيل: من الغرباء؟ قال: النزاع من القبائل).
وفي رواية: (الغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس)، ورواه أحمد من حديث سعد بن أبي وقاص وفيه: (فطوبى يومئذٍ للغرباء، إذا فسد الناس)، وللترمذي من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده: (فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي).
وعن أبي أمية قال: سألت أبا ثعلبة الخشني رضي الله عنه: (كيف تقول في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105]، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيتم شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك ودع عنك العوام، فإن من ورائكم أياماً الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم.
قلنا: منا أم منهم؟ قال: بل منكم)، رواه أبو داود والترمذي.
وروى ابن وضاح معناه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ولفظه: (إن من بعدكم أياماً للصابر فيها المتمسك بمثل ما أنتم عليه اليوم له أجر خمسين منكم).
ثم قال: أنبأنا محمد بن سعيد أنبأنا أسد قال: أنبأنا سفيان بن عيينة عن أسلم البصري عن سعيد أخي الحسن يرفعه، قلت لـ سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: (إنكم اليوم على بينة من ربكم، تأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، وتجاهدون في سبيل الله، ولم تظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل، وسكرة حب العيش.
وستحولون عن ذلك لا تأمرون بالمعروف، ولا تنهون عن المنكر، ولا تجاهدون في الله، وتظهر فيكم السكرتان، فالمتمسك يومئذٍ بالكتاب والسنة له أجر خمسين.
قيل: منهم؟ قال: لا، بل منكم).
وله بإسناد عن المعافري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طوبى للغرباء، الذين يمسكون بكتاب الله حين يترك، ويعملون بالسنة حين تطفأ)].