Q ما حجة أهل التعطيل عندما قالوا في أسماء الله وصفاته: إنه سميع بلا سمع، عليم بلا علم؟
صلى الله عليه وسلم هذا كلام المعتزلة؛ لأنهم قالوا: إذا قلنا: لله سمع وعلم إلخ، فهذا يعني تعدد الصفات، وتعدد الصفات عندهم يدل على تعدد الموصوف، فمن هنا نفوا الصفات، وهذا أمر غير معقول، لكن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: بعض الناس يتكلف في رد أصول أهل الباطل ظناً منه أن لها أصلاً ولو أنك نظرت لها بداهة لوجدتها لا يمكن أن يقرها العقل السليم، لكن هؤلاء عقولهم غير سليمة، وقد يقول قائل: كيف وصلت عقولهم التي يعتزون بها إلى هذا المقام من الخروج عن البدهيات، ومصادمة العقل السليم والفطرة وهو قول المعتزلة ومنه: أن تعدد الصفات يدل على تعدد الموصوف؟ وهل هذه قاعدة صحيحة إذا تعددت الصفات حتى في المخلوقات -ولله المثل الأعلى-؟ الإنسان كم له من صفة الجماد وكم له من صفة؟ لكنهم عندهم نظرة لله تجريدية ليست حقيقية، فهم وقعوا في معضلة إذا وصفوا الله بالصفات فلابد أن الصفات تنطبق على ذلك، وهم يهربون من إثبات الذات، وعبروا عن هذا بمسألة تعدد الموصوف؛ لأنهم يقولون: إن الذات لابد أن تتجزأ والله غير متجزئ، وهذه فلسفات تعالى الله عما يقولون، فلسفات أوهام، فمن هنا فإن أهل التعطيل ليس لهم من الحجج إلا الشبهات الواهية التي لا يقرها العقل، وأهم شيء عندهم وقاعدتهم في التعطيل أن الصفات لابد أن تدل على موصوف، وإذا تعددت الصفات تعددت الموصوفات، وهذا لا يجوز بحق الله، وهذا بالنسبة للمعتزلة.
أما الجهمية فهم ينكرون ذات الله عز وجل، ولذلك أنكروا الأسماء والصفات؛ لأنهم قالوا: إن الاسم لابد أن يدل على مسمى، والمسمى لابد أن يكون له حقيقة ذاتية، ونظراً لأنه ليس لله عندهم حقيقة ذاتية، نفوا الأسماء والصفات ببساطة، والمسألة ما فيها تعقيد في أولياتها، إنما التعقيد فيما يسلكونه من مسالك إلى مثل هذه الأمور التي تصادم البدهيات.
نسأل الله العافية.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.