Q هل يعد ترشيح رئيس معين عن طريق الانتخابات بيعة يلزم المسلمين اعتمادها وعدم الخروج عليها؟
صلى الله عليه وسلم الولاية والإمارة في الإسلام والخلافة والسلطة تحدث بعدة وجوه، وبعضها حدث في الإسلام وبعضها ربما لم يحدث لكن يبقى من الوجوه المفترضة، فهناك بيعة الطائفة من المسلمين وهم أهل الحل والعقد كأن يجتمع العلماء وقواد الأمة وأهل الرأي فيها فيبايعون الإمام، فهذه تكون طريقاً من طرق البيعة أحياناً، وقد تكون البيعة عن طريق الترشيح العام، كأن يطرح الاسم أو الأسماء على جميع الأمة أو على جميع المجتمع أو الدولة فيخرج بالأصوات وهذا إذا كان الإمام مسلماً ثم تمكن بهذه الطريقة فله حق الولاية، وإن كانت هذه الطريقة عليها مآخذ شرعية؛ لأن دخول الدهماء والغوغاء هم أكثر الناس في كل بيئة، في كل مكان وفي كل زمان، فإذا فتح باب الترشيح من الغوغاء وهم الأكثرية فالغالب أنهم يرشحون بأهوائهم ويغرر بهم.
ولذلك لما اتخذت بعض الدول الإسلامية هذا المسلك رشحت فسقة ونساء، فالدول التي ترشح النساء كان عن طريق هذه الطريقة المعيبة، وهذه الطريقة وإن كان يتشدق بها المثقفون فيجوز للأمة أن يتاح لهم فرصة أن يرشحوا أهل الحل والعقد والرأي والمشورة، أما البقية فلهم عقول مشتراة، اشتراها الشيطان والهوى وأصحاب الأحزاب والشعارات، لكن إن حدث وتوافرت شروط الإمامة في هذا الإنسان على ما ذكر السائل وتمكن بهذه الطريقة فقد وجب له السمع والطاعة وصحت بيعته بأي وجه من وجوه الولاية، سواء من وال إلى والٍ آخر، أياً كان صورة العهد مثل عهد أبي بكر لـ عمر أو عهد معاوية رضي الله عنه لـ يزيد فذاك عهد خلافة، وهذا عهد ملك، وكلها صحت في الأمة، وكلها اندرجت تحت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفي وصيته بالسمع والطاعة، فعلى أي حال ما يتسع الوقت لسرد الصور التي تكون فيها، بل علماء السنة اتفقوا على أنه لو بغى إنسان على الإمام -رغم أن هذا خروج عن السنة- وقاتل وتمكن على الأمة بقوة السيف ولا يستطيع الناس إزالته وهو مسلم صارت له البيعة، وإن كان ارتكب أمراً لا يجوز، ولا يجوز للأمة أن تسلك هذا المسلك.
إذاً: الصور الكثيرة تنتهي إلى أنه إذا تمكن إمام مسلم من أن يكون والياً على بلاد المسلمين في أي صورة من صور التمكن، سواء كانت مشروعة برضا الأمة أو بغير رضاها، فإذا تمكن وصارت له الغلبة وجب له السمع والطاعة والبيعة.