قال رحمه الله تعالى: [وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار، وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان كمثل شجرة يبس ورقها، فبينما هي كذلك إذ أصابتها الريح فتحات عنها ورقها، إلا تحاتت عنه ذنوبه كما تحات عن هذه الشجرة ورقها، وإن اقتصاداً في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم، كيف يغبنون سهر الحمقى وصومهم، مثقال ذرة من بر مع تقوى ويقين أعظم وأفضل وأرجح من عبادة المغترين].
تضمنت هذه الآثار المعاني السابقة التي منها مضاعفة الأجور وزيادة تكفير الخطايا والذنوب لهذه الأمة، وكذلك تضمنت هذه الآثار معانٍ أخرى وهي أن هذه الأمة يكثر فيها أهل الحزم ورجاحة العقل، كما قال: يا حبذا نوم الأكياس وإفطارهم كيف يغبنون سهر الحمقى وصومهم، بمعنى أن هذه الأمة فيها طوائف من العُبّاد الذين هم على السنة، وأهل السنة هم الظاهرون من العلماء والعُبّاد والقائمون بأمر الله عز وجل وهؤلاء تميّزوا بالحزم والعقل -وهو الكيس- في أخذ هذا الدين والتوجه إلى الله عز وجل بالعبادة والخشية والإنابة والزهد، فلذلك فُضّلت هذه الأمة بمضاعفة الأجور لوجود أمثال هؤلاء القدوة فيهم، وهذا من فضل الإسلام، ولذلك كان من وسائل حفظ هذا الدين الذي جعله الله عز وجل من أسباب فضله وتميزه على الأديان الأخرى بقاء هذه الطائفة أهل الكيس والعقل والدين والقدوة، كما أنهم معتزون بهذا الدين وهم ظاهرون لا يضرهم من خذلهم ولا من عاداهم إلى أن تقوم الساعة، كل هذا من وسائل حفظ الدين وهو آخر الأديان وأفضلها وأبقاها حتى ولم يبق على الأرض أحد من البشر.