كمال الإسلام ووجوب الاستغناء به عما سواه

يشير الشيخ هنا إلى أن من فضل الإسلام الكمال، وأنه يغني عن أي حاجة أو مبدأ أو مذهب أو ما يتدين به الناس، فكأنه يشير بذلك إلى أن من فضل الإسلام أنه جاء كاملاً لا يمكن أن يحتاج الناس بعده لا إلى شرائع ولا مبادئ ولا مذاهب وانتماءات ولذلك استشهد بالآية وهي قوله عز وجل: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:89]، وهذا فيه إفادة العموم في أن الإسلام جاء كاملاً، ولا يمكن أن يحتاج الناس بعده إلى أي أمر من أمور الدين والتشريع في العقيدة ولا في الأحكام.

ثم أكد ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما رأى مع عمر ورقة من التوراة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لقد جئتكم بها بيضاء نقية) يعني: الملة والديانة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية لا يشوبها شائب، ولا تخفى على أحد، فهي بيّنة كاملة نقية من أي شائبة، وهذا وصف للدين وللإسلام إلى قيام الساعة؛ لأن هذا مقتضى ختم النبوة وكمال الدين وحفظه، والنبي صلى الله عليه وسلم غضب حينما رأى مع عمر هذه القطعة، إنما أراد سد ذريعة الحاجة إلى غير هذا الدين حتى وإن كان من الأديان التي جاء بها النبيون من قبل؛ لأن الله عز وجل ختم هذه الأديان بهذا الدين وجعله ناسخاً لها، ولأن ما جاءت به الكتب السابقة التوراة والإنجيل قد حُرّف وبُدّل، وحتى لو لم يُحرّف ولم يُبدّل، فإن الله عز وجل ختمها ونسخها بهذا الإسلام، ولذلك بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا هو مقتضى أمر الله، ويشهد لهذا أن عيسى عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان فإنه يحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015