مفاتيح الدعاء هي الافتقار إلى الله، وصدق اللجوء إليه، والرغبة فيه عز وجل، والرهبة منه، فهذه الخمسة لا بد من حفظها، واصطحابها عند دعاء الله عز وجل.
فمتى أعطي هذه فقد أعطي المفتاح، ويوشك أن يفتح له، ومتى أضله ربه عن المفاتح بقي باب الخير دونه مقفلاً، قال أمير المؤمنين عمر: إني لا أحمل هم الإجابة، ولكن هم الدعاء، فإذا ألهمت الدعاء فإن الإجابة معه، يعني: هو لا يهم الإجابة؛ لأن الإجابة مضمونة بشروط الدعاء المعروفة.
فعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيق الله سبحانه له وإعانته إياه، فالمعونة من الله تنزل على العباد على قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم، والخذلان ينزل عليهم على عكس ذلك.
احتاج إبراهيم بن أدهم يوماً إلى دينار وهو قاعد على شاطئ البحر، فقال: يا رب! يا من تقول للشيء: كن فيكون أريد ديناراً، قال: فخرجت الأسماك من البحر في كل فم سمكة دينار، فهذا يعني أن تكون الأسماك خادمة لـ إبراهيم بن أدهم.
وأستاذه سهل بن عبد الله عند أن أخذت الحدأة اللحمة من يده، ذهب إلى المسجد، فلما رجع إذا بالحدأة والغراب كانا يتصارعان، فوقعت قطعة اللحم وأخذتها امرأته وطبختها، فقال: الحمد لله الذي حمل عني هم حمله! وكأنه أرسل له شغالاً سيرلنكياً بدون أجرة، وأنت اليوم تذهب لتدفع تأميناً للسفارة وتأتي فتجد بنتاً ملحدة، تبقى مكشوفة عند امرأتك وامرأتك مكشوفة عندها، فهذا حرام، فعلى المرأة المحجبة أن تستحي فلا تتكشف أمام المسيحية واليهودية.
وعندما تأتي المرأة المسلمة لصاحبتها المسيحية فعليها أن تحتجب، كأنها داخلة على رجل، والخذلان -والعياذ بالله- ينزل عليهم على حسب تضييعهم، فالله سبحانه أحكم الحاكمين، يقول الله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين:8]؟ بلى، وهو أعلم العالمين، يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به.
قال تعالى: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [الملك:14]؟ وهو الذي يضع الخذلان في مواضعه اللائقة به، فمثلاً: واحد دائماً يجهز المجلس والطاولة والبيرة والفلم، ونحو ذلك، ويخطط للمعصية ويرتب وينظم فهذا وضع له الخذلان، والثاني يبتعد عن المعصية، فهذا يوضع له التوفيق فالله هو العليم الحكيم، وما أتي من أتي إلا من قبل إضاعة الشكر، وإهمال الافتقار والدعاء، ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه إلا بقيامه بالشكر وصدق الافتقار والدعاء، وملاك ذلك كله -يعني: الجامع لهذا كله- الصبر، فانظر الدين كيف يتكامل مع بعضه: العقيدة واليقين والصبر، وأصعب شيء على الناس الصبر على الطاعة، فهو أقسى أنواع الصبر على النفس؛ لأنه صبر على شيء هي تكرهه، ولذلك قال أحد الصالحين: جبلت نفسي على الطاعة فاستعصت علي يوماً، قال: فقهرتها بصلاة مائة ركعة، يعني: أدبها بالتي هي ضدها.
إذاً: فملاك ذلك الصبر، فإنه من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد.