الإقرار بالآفات في العمل

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: طوبى لمن أنصف ربه، فأقر له بالجهل في علمه وبالآفات في عمله.

فحين أصلي لا أقول: أديت الذي علي، بل أصلي وأخاف أن ترد علي الصلاة فلا تقبل؛ لأن مالي حرام، أو لأن القميص حرام، أو لأن القلب مليء بالغل والحقد على الناس، أو لأن الزوجة تخون زوجها في إخراج أسرار بيته، أو أن الزوج يخون زوجته فينشر أسرارها، أو لأن المصلي يخون الأمانة، أو يخون الوظيفة فيأخذ ما ليس من حقه، ثم يقف بين يدي الله ويقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5].

فأنا أصلي وأنا خائف ألا تقبل الصلاة، وأقرأ القرآن وأخاف ألا يتقبل الله مني، وعندي رجاء في القبول، ولكن يجب علي أن أغلب الخوف على الرجاء، فنحن في زمن غلب فيه الناس جميعاً الرجاء على الخوف، لأن الواحد منهم ينظر إلى من هو أقل منه في الدين، وينظر إلى من هو أفضل منه في الدنيا.

فإذا صلى الجمعة، ثم خرج فرأى عظيماً بماله كبر في نفسه، ولا ينظر إلى من يصوم الإثنين والخميس، ولا ينظر إلى من يقوم الليل، ولا ينظر إلى من يتقرب بالصدقة، ولا ينظر إلى من يصل الرحم، ولا ينظر إلى من يفعل الخير أو يتوارى بين الناس تواضعاً وخجلاً.

فالإنسان يجب عليه أن يقر لله بالجهل في علمه، وبالآفات في عمله.

وكان عمر بن الخطاب يقول: اللهم إني أسألك من العمل أخلصه وأصوبه.

فيقولون: يا أمير المؤمنين! ما أخلصه وما أصوبه؟ فيقول: أخلصه ما كان لله عز وجل، وأصوبه ما كان على الكتاب والسنة.

فلا يصح أن أخرج من البيت لأصلي ركعتين عند السيد البدوي، فالصلاة هي عبادة، ولكنها هنا ليست لله عز وجل، فاللازم علي وأنا أصلي أو أؤدي العمل أن يكون العمل على منهج الكتاب والسنة، فلا يصح الطواف حول قبر الحسين كما يطاف حول الكعبة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا إن صنعتم كما صنعوا لعنكم كما لعنهم).

وبعث علي بن أبي طالب على ألا يدع قبراً مشرفاً إلا سواه، ولا صنماً إلا كسره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015