يقول ابن القيم: (إياك والمعاصي).
والمعاصي: جمع معصية، وتنقسم المعاصي إلى قسمين: كبائر وصغائر، والكبائر: ما ورد فيها نص بتحريمها، كأكل الحرام، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وعقوق الوالدين، والأدهى من هذا كله هو الشرك بالله عز وجل، نسأل الله أن يعصمنا وإياكم من كل شرك.
وتكون الكبائر أحياناً بالإصرار على الصغائر، ولذا قيل في الصغائر ثلاث جمل، أولها: لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر إلى عظمة من تعصيه.
قال أهل العلم: إن المؤمن يرى نفسه مع ذنبه كرجل قاعد في ظل جبل ضخم جداً يخاف أن يقع عليه، والمنافق والفاجر يرى ذنبه كذبابة وقعت على وجهه فهشها.
فالمؤمن يخاف من الذنب، وقد قال الحسن البصري: المؤمن يزرع ويخشى الفساد، والمنافق يقلع ويرجو الحصاد، فالمؤمن يعمل الخير ويخاف ألا يتقبل رب العباد منه، فيصلي الصلاة ويحج ويخاف ألا يقبل ذلك منه؛ لأن الله لا يسأل عما يفعل.
ولذلك روي أن إبليس قال لسيدنا عيسى: يا ابن مريم! أأنت تتوكل على الله حق التوكل؟ فقال له: نعم.
فقال له: وعندما تنزل بك مصيبة ينجيك منها؟ قال له: نعم، فقال له: ارم نفسك من فوق هذا الجبل وانظر هل ينجيك الله أم لا! فقال سيدنا عيسى: يا لعين! إن الله هو الذي يمتحن عبده، وليس للعبد أن يمتحن ربه.
فليس للعبد أن يمتحن الرب، ولكن الله سبحانه وتعالى هو الذي يمتحن عبده.
الجملة الثالثة: لا صغيرة مع إصرار؛ لأن الصغيرة مع الإصرار ستتحول إلى كبيرة، وتتمة هذه الجملة: ولا كبيرة مع استغفار.
الجملة الثالثة: لا صغيرة إن واجهك عدله، ولا كبيرة إن واجهك فضله.
فإياك والمعاصي؛ فإنها أذلت أعزة من الخلق، فربنا قال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ} [البقرة:34] فسجدوا إلا إبليس ما سجد، فخرج من العز إلى الذل؛ لأن للطاعة عزاً، وللمعصية ذلاً، ولذلك تجد المحتجبة بعد عشرين أو ثلاثين سنة فخورة أمام البنات، تقول: الحمد لله على أني بلغت الحلم وأنا محجبة.
وكذلك الرجل الذي يصلي منذ بلوغه، فالإنسان يفرح بالطاعة.