شرح كتاب الفتن من صحيح البخاري (2)
شرح: باب: ظهور الفتن، وبابٌ: لا يأتي زمانٌ إلا الذي بعده شرٌ منه، وباب: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من حمل علينا السلاح فليس منا)).
الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
ولذا قال: ((ويلٌ للعرب من شرٍ من اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج)) سد يأجوج ومأجوج الذي بناه ذو القرنين، مثل هذه وعقد سفيان تسعين، التسعين يأتي إلى السبابة اليمنى ويجعل طرفها في أصلها، طرف السبابة اليمنى في أصلها في أصل السبابة، ويضمها ضماً محكماً بحيث انطوت عقدتاها حتى صارت كالحية المطوية هذه تسعين، العرب أمةٌ أمية لا يقرأون ولا يحسبون، إنما يتعاملون بالإشارات، ولهم طريقة في الحساب يبدأون بأصابع اليد اليمنى في العشرات، والمئات باليد اليسرى، بأصابع اليد اليسرى.
"عقد تسعين أو مائة" المائة كالتسعين إلا أنها بالخنصر اليسرى، وعلى هذا فالتسعون والمائة متقاربتان، يطوي طرف أو يجعل طرف الخنصر اليسرى في أصلها، ويطويها طياً محكماً حتى تكون شبه الحية، ولذا شك الراوي هل قال: تسعين أو قال: مائة لتقاربهما في الصورة، قال: عقد سفيان أو مائة، قيل للنبي -عليه الصلاة والسلام-: "أنهلك وفينا الصالحون؟ " قال: ((نعم، إذا كثر الخبث)) إذا كثر الخبث صار له وجود من الفجور، الخبث بجميع أنواعه العملي والفكري، الخبث المتعلق بالشهوات، والخبث المتعلق بالشبهات، إذا كثر هذا ووجد وعجز الناس عن إنكاره ومقاومته هلكوا وفيهم الصالحون، وهذا الذي يخشى منه، هذا المخيف وإلا فالأمة تعيش صحوة ورجعة أفضل من سنين كثيرة مضت، يوجد -ولله الحمد- من العلماء من جمع الله لهم بين العلم والعمل، يوجد من طلاب العلم ممن رجعوا إلى تحصيل العلم على الجواد المعروفة المتبعة عند أهل العلم بعد تخبطٍ طويل، يوجد دعاة، يوجد قضاة، يوجد عباد، يوجد زهاد، الأمة فيها خير، في هذه البلاد ظاهر وفي غيرها أيضاً موجود، "أنهلك وفينا الصالحون؟ " الصالحون كثير، لكن أهل الهلاك مرتبطون بكثرة الخبث، وظهور الخبث لا يحتاج إلى برهان.