ثم قال الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثنا سعيد بن أبي مريم -سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم بن أبي مريم الجمحي- قال: أخبرنا محمد بن جعفر بن أبي كثير عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن سعيد بن المسيب عن أبي موسى الأشعري قال: خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى حائط من حوائط المدينة" هو بستان أريس الذي فيه البئر، الذي سقط فيه خاتم النبي -عليه الصلاة والسلام- من أصبع عثمان -رضي الله عنه-، قريبٌ من قباء، يقول أبو موسى: "وخرجت في إثره، فلما دخل الحائط جلست على بابه" يعني على باب الحائط، "وقلت: لأكونن اليوم بواب النبي -عليه الصلاة والسلام-" حاجب للنبي -عليه الصلاة والسلام-، "ولم يأمرني" يعني تطوع من أبي موسى، تبرع، حفظاً للنبي -عليه الصلاة والسلام-، هذه طريقة الصحابة -رضوان الله عليهم- معه -عليه الصلاة والسلام-، فيكون بواباً، سبق في مناقب عثمان -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- يعني أمر أبا موسى بذلك، بأن يكون حارساً، بواباً، حاجباً، فالاحتمال للتوفيق بين الروايتين: أنه فعل ذلك تبرعاًَ من غير أمر، ثم أمره النبي -عليه الصلاة والسلام-، "فذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقضى حاجته، وجلس على قُفِّ البئر" يعني على حافة البئر، أو الدكة التي حول البئر، "فكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر، فجاء أبو بكر" كشف النبي -عليه الصلاة والسلام- عن ساقيه ودلاهما في البئر، "فجاء أبو بكر يستأذن" في الدخول على النبي -عليه الصلاة والسلام-، "فقلت، يقول أبو موسى فقلت له: اثبت، وقف مكانك "كما أنت حتى أستأذن لك، فوقف" أبو بكر -رضي الله عنه-، هذا التصرف، ما دام باب عليه حاجب لا بد من الاستئذان، ما قال: أنا أقرب منك إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، أنا بنتي مع الرسول، أنا صحبت النبي، أنا أول الصحابة، أنا أفضل الصحابة، لا، وقف حتى استأذن له، "فوقف فجئت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلت له: يا نبي الله أبو بكر يستأذن عليك" وهذا يؤيد أن نهاية أمره في الحجابة أنه مأمور، وإلا لو وقف من تلقاء نفسه تبرع، هل يستطيع أن يمنع أحد؟ تبرع من عنده، فلعله تبرع أولاً من غير أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- خشية أن يهجم