فالستر هو الأصل، ينبغي على من اطلع على هفوة أو زلة من أخيه ألا ينشرها، بل يستر عليه، وهذا الأصل في المسلم أنه يستر على أخيه، لكن هذا ليس على إطلاقه، فالإمام مالك وغيره يقررون أن أهل السوابق والمعاصي المتكررة مثل هؤلاء لا يستر عليهم؛ لأن الستر عليهم -أهل السوابق وأهل المعاصي، وأهل المنكرات الذين لا يرعوون، ولا يراعون ديناً ولا غيره، ولا يستحييون من الله ولا من خلقه- مثل هؤلاء ينبغي ألا يستر عليهم؛ لأن المناداة بالستر المطلق هذه توطئة للإباحية، وتعطيل لحدود الله -جل وعلا-، فالذي تكرر منه المنكر ولا يزدجر ولا يرعوي مثل هذا يبلغ عنه، ولا يجوز الستر عليه، لكن من حصلت منه هفوة وزلة وندم على ذلك يستر عليه، نعم.
طالب: أحسن الله إليكم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان عن بن جريج قال: "أملى علي نافع".
نعم الإملاء طريق من طرق التحمل بل يقرر أهل العلم أنه أقوى طرق التحمل؛ لأنه فرع من الطريق الأول الذي هو السماع من لفظ الشيخ، والعلماء يجمعون على أن السماع من لفظ الشيخ من طرق التحمل المعتبرة، بل التلقي بها صحيح إجماعاً، وهي أقوى الطرق، يليها القراءة على الشيخ، وقال بعضهم: هما سواء، ومنهم من فضل القراءة على الشيخ على السماع لكنهم قلة، قول شاذ هذا، فأقوى طرق التحمل السماع من لفظ الشيخ، وأقوى أنواع السماع الإملاء من الشيخ للطالب؛ لما يتضمنه من تحرز الشيخ والطالب.
الشيخ وهو يملي يتحرى ويتحرز ويحرر، والطالب وهو يكتب ينتبه ويدون، بخلاف ما إذا كان الشيخ يلقي والطلبة يسمعون من غير إملاء ولا كتابة ولا ... ، مثل هذا قد يفوت بعض الشيء، والسماع عموماً هو الطريق الأول، وهو الأصل في الرواية من لفظ الشيخ، وأقواه ما جاء من طريق الإملاء، نعم.
طالب: أحسن الله إليكم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن وراد كاتب المغيرة قال: "أملى عليَّ المغيرة وكتبته بيدي".