حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا أيوب الطائي قال: سمعت الشعبي يقول: "ما رأيت أحداً من الناس أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق".
يقول الشعبي عامر بن شراحيل السابق ذكره: "ما رأيت أحداً من الناس أطلب للعلم في أفق من الآفاق: يعني في بلد من البلدان ولا في قطر من الأقطار.
من مسروق": مسروق بن الأجدع من سادات الأمة ومن علمائها العاملين، من العُبَّاد المعروفين، العلم لا يأتي بالدعاوى ولا بالتمني، إنما يأتي بتوفيق الله -جل وعلا- ثم بذلك الأسباب، فلا يوجد أطلب للعلم في أفق من الآفاق من مسروق، وبهذا يحصل العلم ويدرك العلم، ولا يستطاع العلم براحة الجسم أبداً، الذي يسترخي ويبي العلم يجيه ما يمكن، حتى أخذ العلم من الوسائل الميسرة السهلة قد لا يتسنى أبداً، قد لا يتسنى لطالب العلم أن يأخذ علمه المؤصل المضبوط المتقن من الأشرطة أو من الإنترنت أو من غيرها، لا بد من الحضور، مذاكرة الأقران، مزاحمة الشيوخ، لا بد من التعب، من السهر، فالعلم لا يستطاع براحة الجسم، وهكذا كان مسروق لا يوجد أطلب للعلم في أفق من الآفاق منه، اجتهد تجد، من جد وجد، والله المستعان نعم.
طالب: أحسن الله إليكم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا سيار عن جرير بن حيان أن رجلاً رحل إلى مصر في هذا الحديث فلم يحل رحله حتى رجع إلى بيته: ((من ستر على أخيه في الدنيا ستر الله عليه في الآخرة)).
نعم الرحلة في طلب الحديث معروفة من عهد الصحابة حيث رحلوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ورحل بعضهم إلى بعض الشهر الكامل؛ من أجل حديث واحد، ولا تظنون أن الوسائل مثل الوسائل الموجودة الآن، ولا تظنون أن أمور المعيشة متيسرة كما هي موجودة الآن، يكابدون الشدائد من أجل تحصيل حديث واحد، لكن هل تظن أن هذا الشخص الذي رحل شهراً من أجل حديث بينسى هذا الحديث؟ لا يمكن، ورحلته عبادة، ومشقته حسنات، والأجر على قدر النصب يقال في مثل هذا؛ لأنه تابع للعبادة، فرحل عقبة بن عامر إلى مسلمة بن مخلد أمير مصر من أجل ((من ستر على أخيه في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة)) وهو جزء من حديث مخرج في الصحيح.