الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا وإمامنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا ابن فضيل عن ابن شبرمة عن الشعبي قال: "ما كتبت سوداء في بيضاء ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده عليَّ".
نعم، هذا الشعبي عامر بن شراحيل المعروف بالحفظ والضبط والإتقان، نقل عنه المؤلف أنه ما كتب سوداء على بيضاء، وذكر عنه في كتب التواريخ والأدب أنه إذا دخل الأسواق وضع أصبعيه في أذنيه؛ يسجل، أي شيء يمر ما يفوت شيء، ما يفوت شيء، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} [(4) سورة الجمعة]، وما كتب سوداء في بيضاء، الناس تعرفون الآن حتى فيما بين الإخوان والأقران والشيوخ والتلاميذ وغيرهم، هذه هبة من الله -جل وعلا- يتفاوتون، اثنان من الأقران يقرءان كتاب واحد في مدة واحدة، مجلد في أسبوع، تسأل هذا ماذا أدرك من هذا الكتاب، تجد مثلاً هذا أدرك عشرة بالمائة، وهذا لا يذكر شيئاً البتة، وهذا أدرك سبعين ثمانين بالمائة، وبعض الناس يحفظ من أول مرة فيكون مسحه مسحاً ضوئياً في آن واحد كله مسح، انتهى، الشعبي ما كتب سوداء على بيضاء، لكن مع أن الحفظ ملكة غريزة ثابتة قوتها وضعفها في البداية من الله -جل وعلا- نعم، ثم بعد ذلك يكون القدر الزائد على ذلك مكتسب كغيرها من الغرائز، فهناك من الغرائز ما هو جبلي، ومنها ما هو مكتسب، يزيد مع التمرين والتدريج، والأساس والمدار على النية الخالصة الصالحة مع التقوى، {وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [(282) سورة البقرة].
يقول الشافعي -رحمه الله-:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاص