"تفقهوا قبل أن تَسُودوا، قبل أن تُسُّودوا" تسودوا بأن تكونوا سادة على الناس، رؤوس يرجع إليكم الناس، فالذي يتفقه قبل ذلك لا شك أنه ينتفع وينفع غيره، لكن الذي يسود أو يسّود قبل أن يتفقه وقبل أن يتأهل، لا شك أنه سوف يتضرر بذلك؛ لأنه سوف يندم، ولات ساعة مندم، السيادة بحاجة إلى وقت؛ لأنه يكون وقته مشغول بأمر العامة إذا ساد، فمتى يتفقه؟ قد يشكل عليه أشياء، قد يعرض عليه مسائل ومشاكل لا يستطيع حلها؛ لأنه لم يتفقه، فإذا تفقه قبل ذلك حل المشاكل على مقتضى النظر الشرعي؛ لأن عنده ما يعينه على ذلك، قد تفقه قبل ذلك.
أيضاً ما يصاحب هذه السيادة من أمور نفسية تجعله لا يطيق التفقه بعد ذلك، لا يستطيع أن يجلس بين الناس مع صغار الطلاب وكبارهم ليتعلم وقد ساد صار ملكاً أو وزيراً أو أميراً، صعب، يصعب عليه ذلك، ولذا يؤمر الإنسان بأن يتفقه قبل أن يسود، ومثل هذا يمكن أن يوجه لطلاب العلم الشرعي الذين يتوقع أن يكونوا سادة، إما دعاة وإلا قضاة، وإلا علماء، ومعلمين، عليهم أن يبنوا أنفسهم قبل أن يصلوا إلى هذه المرحلة، افترض نفسك في يوم من الأيام على كرسي القضاء وعندك الخصوم وعرضوا عليك المسألة لا تدرك أطرافها ولا أبعادها، ما عندك من العلم الشرعي ما يعينك على حلها، مثل هذا يجب عليه أن ينتبه لنفسه قبل ذلك.
منهم من يقول: "قبل أن تسودوا": قبل أن تتزوجوا؛ لأن في الزواج مشغلة، والزوج سيد في بيته، فيحث طالب العلم في وقت -قبل الزواج- أن يحرص ويجد ويجتهد بتحصيل العلم.
ومنهم من يقول: "تفقهوا قبل أن تُسَوِدوا: قبل أن تُسَوِّدوا، منهم من ضبطها هكذا وقال: معناه قبل أن تشيبوا، يبيض الشعر فتحتاجوا إلى تسويده، وهذا حث لطلب العلم في وقت الشباب والصغر.