هذا الحديث الموقوف في إسناده ليث بن أبي سليم، وهو مر مراراً بنا وأنه ضعيف، لكنه يروى مرفوعاً من طريق أبي هريرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة)) وهو صحيح لغيره، يثبت، فطالب العلم لا بد أن يجعل نصب عينيه هذه النصوص مجتمعة، لا يدفعه مثل هذا الخبر إلى أن يقحم نفسه فيما يحسن وما لا يحسن، ويجعل الآية التي توجب عليه البيان نصب عينيه أيضاً بألا يكتم، لا يكتم وعليه أيضاً ألا يسترسل، لا يكتم ولا يسترسل، يقول بما يحسن، من علم فليعلم، من علم يبين، من كان عنده علم يفتي الناس، من كان عنده علم يقضي بين الناس، أما من لا علم عنده فلا يجوز له أن يجرؤ على الفتيا، ولا يجوز له أن يتصدر ليقضي بين الناس، يحرم عليه ذلك، والقضاة ثلاثة قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة، منهم الجاهل الذي لا يعلم يقضي بين الناس بجهل، أو يفتي، يفتي الناس بجهل، هذا يكذب على الله، هذا يكذب على الله، يقول: إن مراد الله من هذه المسألة كذا، أو حكم الله في هذه المسألة كذا، فهو موقع عن الله، فليحذر كل الحذر أن يجرؤ على الفتيا، ويحذر أيضاً كل الحذر أن يكتم مع العلم، المسألة تحتاج إلى إلى توسط في الأمر، والنظر إلى النصوص كلها، النصوص التي تمنع فمن الممنوع؟ والنصوص التي تحث من الذي يحث؟ من الذي يقدم؟ ومن الذي يحجم؟ مع الأسف أن كثير ممن توفرت لديه الأهلية أحجم فترك المجال لأناس ليست لديهم الأهلية، فوقعنا في المحظورين معاً، والله المستعان، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن ليث عن يحيى عن علي -رضي الله عنه- قال: "ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه الذي لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يرخص للمرء في معاصي الله، ولا يدع القرآن رغبة إلى غيره، إنه لا خير في عبادة لا علم فيها، ولا خير في علم لا فقه فيه، ولا خير في قراءة لا تدبر معها".