لما كان البلد يتداول كتاب واحد، يتجه إحراقه والخلاص منه، لكن الآن البلد كل طالب علم عنده نسخة من كتاب كذا، وفيه بدع، لكن يكتفي بالتنبيه عليه، وإذا كان طالب العلم مكثر من الكتب التي من هذا النوع، لا سيما من يحتاجها للرد عليها، يصنع ختم مكتوب عليه: (هذا الكتاب فيه مخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة فليحذر) ويختم على هذه الكتب، وبهذا -إن شاء الله تعالى- يبرأ من العهدة، نعم.
أحسن الله إليكم:
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن ابن عبد الله قال: قال عبد الله -رضي الله تعالى عنه-: "رحم الله من سمع منا حديثاً فرواه كما سمعه، فإنه رب محدث أوعى من سامع".
نعم هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود يرويه عنه ابنه أبو عبيدة يقول: "رحم الله من سمع منا حديثاً فرواه كما سمعه" يعني حفظه عنا، فرواه كما سمعه "فإنه رب محدث أوعى من سامع" وهذا فيه تحذير، وفيه ترغيب، فيه ترهيب وفيه ترغيب، ترهيب من المسارعة إلى نقل الأقوال دون فهم لها، أو على فهم يخالف مراد القائل، وكم حُرف من قول من محب مشفق ينقل القول على أساس أنه ينتفع به الآخرون وهو ما فهمه أصلاً، نعم ما فهمه، "وهل آفة الأخبار إلا رواتها" ينقل قول عن فلان وعن علان أنه قال كذا، وفي الحقيقة ما قال، لكن هذا فهم منه أنه قال، فروى على حسب فهمه، ولذا يقول: " فرواه كما سمعه" لا يتصرف فيه في لفظه ولا في معناه "فإنه رب محدث أوعى من سامع" هذا فيه أيضاً حث على نقل العلم، ينقل العلم من السامع إلى من يبلغه عنه، فقد يكون المبلغ أوعى وأحفظ من المبلغ، وهذا الخبر ثبت مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ((فإنه رب مبلغ أوعى من سامع)) وفي هذا يقرر أهل العلم أنه وإن كان العلم بالنسبة للسلف أكثر وفي الخلف أقل، وفهمهم أدق، فهم السلف أدق وأصح، إلا أنه قد يوجد في المتأخرين من يفهم فهماً دقيقاً صحيحاً في بعض المسائل أفضل ممن سمعها من قبله، وعلى كل حال هذا الخبر فيه حث للرواة وطلاب العلم على التبليغ، وهو فيه أيضاً حث لهم على التحري والتثبت في النقل وفي الفهم، نعم.
أحسن الله إليكم: