هذا الخبر عن عبيدة بن عمر السلماني لما دنت وفاته وظهرت الأمارات على دنو أجله دعا بكتبه فمحاها، عبيدة السلماني من الرواة الأثبات من الثقات، "دعا بكتبه فمحاها" السبب في ذلك لئلا يعتمد عليها ويترك الحفظ، وكان السلف يحذرون من الكتابة؛ لأن من يعتمد على الكتابة لا شك أنه يضعف حفظه، وقد يكون في هذه الكتب من الأحاديث الضعيفة التي لا تثبت نسبتها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من أجل أن يعرفها، فالأحاديث الصحيحة مدونة، والأحاديث الضعيفة مدونة، والموضوعات أيضاً مدونة، من أجل أن تعرف؛ لئلا يختلط الصحيح بغيره، وهذا من باب معرفة الشر لا للشر لكن ليتقى، تدون الأحاديث الضعيفة والموضوعة من أجل أن يتقيها المسلم ويعرف ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يثبت، فقد يكون من هذا النوع في كتب عبيدة فخشي أن يغتر به ناس فيرونه فيما بعد مروي منسوب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيتلقونه بالقبول، والضعيف إنما يرويه أهل العلم ويكتبونه والأحاديث الموضوعة وغير الصحيحة إنما لتعرف فتتقى، وهكذا ينبغي لكل عالم أو طالب علم عنده مكتبة كبيرة أو صغيرة تحتوي على كتب فيها مخالفات، فيها مخالفات لا سيما العقدية، وفيها شر يتعدى إلى طلاب العلم، فمثل هذا إن كان شرها أكثر من نفعها هذه تحرق ولا كرامة، وإن كان فيها نفع كبير وفيها ضرر ويخشى أن تؤثر على طلاب العلم، مثل هذه يكتفى بالتنبيه عليها، يكتب عليها أن هذا الكتاب فيه مخالفات عقدية فيه بدع، فيه كذا، ولا يلزم إتلافه، ولا يلزم إتلافه، وقد كان أئمة الدعوة يوصون بإحراق بعض الكتب، يوصون بإحراق بعض الكتب لأنها نفعها معدوم، والضرر منها متحقق، وهكذا كتب الشرك أو كتب السحر أو غيرها تتلف ولا كرامة، لكن كتب البدع التي فيها ما ينفع وفيها الضرر هذه ينبه عليها؛ لأن اليوم مسألة الإتلاف قد لا يكون حل؛ لأن المطابع التي طبعت هذا الكتاب طبعت عشرات الألوف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015