"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء -رضي الله تعالى عنه- قال: "العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه".
وهذا الحديث -هذا الخبر- عن أبي الدرداء، ويروى مرفوعاً عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهو بشواهده مقبول بالجملة "العلم بالتعلم" يعني ما يولد الإنسان عالم إلا بالتعلم، والتعلم تفعل، يعني يأتي بالتدريج، بالتدريج، كما أن الحلم والأناة والرفق والتؤدة تأتي بالتمرين والتدريج وقهر النفس على هذا، وقسرها على ذلك، فقد يكون الإنسان مجبول على الحلم كما جبل الأحنف وغيره، لكن قد يكون مجبولاً على الغلظة والشدة وسوء الخلق، ويأمل أن يكون حليماً، يأمل أن يكون رفيقاً ليناً، وقد جبل على خلاف ذلك، يتخلق بالحلم، يتخلق بالرفق والأناة، ثم تصير سجية له وطبعاً له، فإذا حاول وجاهد نفسه حصل له ما يريد -إن شاء الله تعالى- لا سيما إن صدق في اللجأ إلى الله -جل وعلا-.
"ومن يتحرى الخير يعطه" التحري -التثبت- أمر لا بد منه للمسلم، أمر لا بد منه، يتحرى الخير ويتحسس مواطن الخير، فيسلك هذه الموطن، ويتتبعها، فيوفق لها، "ومن يتوقى الشر يوقه" نعم من توقى .. ، ما زج بنفسه في أمور لا يدرك أبعادها، يتحرى في كل ما يسمع، وفي كل ما يرى، وكل ما يفعل، وكل ما يقول، فإذا تحرى وقاه الله الشر وأهله، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزعراء عن أبي الأحوص عن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "إن أحداً لا يولد عالماً، والعلم بالتعلم".