وهذا الأثر المروي عن زيد بن ثابت كان -رضي الله عنه وأرضاه- إذا سأله رجل عن شيء يستحلفه هل وقعت هذه المسألة؟ هل وقعت بالفعل؛ ليتكلف الجواب وإلا لم يتكلف جوابها؛ لأنها لم تقع، كان السلف يتورعون عن الفتيا عن شيء لم يقع، لكن أهل العلم لما صنفوا ودونوا من أجل تمرين الطلاب على فهم المسائل واستنباط المسائل، وتطبيق المسائل على الوقائع، صاروا يشققون المسائل، ويفترضون مسائل لم تقع للتنبيه، وفرق بين أن يلقى على العامة مسائل لم تقع، وهم ليسو من أهل هذا الشأن، وبين أن يكون طالب علم يتمرن ليترقى حتى يكون فقيهاً ينفع الله به الأمة، فمثل هذا يفرع ويشقق، ويشقق له مسائل، أما إذا جاء شخص يستفتي -عامي لا علاقة له بالعلم ولا صلة له بالعلم، ولا ينوي التعلم- فمثل هذا يقتصر على ما وقع له، فيجاب، وما عدى ذلك يصرف عنه إلى ما هو الواقع، نعم.
أحسن الله إليكم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الملك بن أبجر عن الشعبي عن مسروق قال: "سألت أبي بن كعب -رضي الله عنه- عن شيء فقال: أكان بعد؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا لك رأينا".