أولاً: الإنسان يتذكر ما حفظه، ويتمرن أيضاً على الإلقاء على هؤلاء الصبيان، إذا عرفنا أن بعض الناس -هذه واقعة ما هي بنسج خيال- شيوخ، شيوخ جاءوا وافدين، ما تعلموا الخطابة إلا بهذه الطريقة، ندخل حوش الغنم ونخطب، ويزبد ويرعد ويزمجر قلك قدام الغنم. . . . . . . . . وفي واحد يقول: جمعنا حصى وأخشاب وكذا وتصورناهم أناس وألقينا عليهم الخطب، وصاروا من الخطباء المشهورين، وتعلموا الخطابة، فكونهم يجمعون الصبيان ويحدثونهم الفائدة للطرفين، الفائدة للطرفين، نعم.
رأيت أخوين شقيقين واحد في العاشرة والثاني في الحادية عشرة، يحفظون القرآن، وأتموا حفظ الصحيحين بالأسانيد، بالأسانيد يعني كما ألف المؤلف، وبدءوا بسنن أبي داود والترمذي معاً، كل يوم خمسين حديث من هذا وخمسين حديث من هذا بأسانيدها.
طالب:. . . . . . . . .
الصبيان ما يحضرون، الله المستعان نعم.
طالب: أحسن الله إليك.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء عن أبي البختري عن حذيفة -رضي الله تعالى عنه- قال: "إن أصحابي تعلموا الخير وأنا أتعلم الشر، قيل: وما يحملك على هذا؟ قال: إنه من تعلم مكان الشر يتقه".
نعم هذا حذيفة -رضي الله عنه- صاحب السر، يسمونه الآن السكرتير، صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن أصحابي": من الصحابة -رضوان الله عليهم- "تعلموا الخير": من النبي -عليه الصلاة والسلام- "وأنا أتعلم الشر": ولذا تجدون جل أحاديث الفتن إنما يرويها حذيفة، وقد خص بشيء من ذلك حذيفة، يتعلم الشر، يتعلم الشر لماذا؟ لاتقائه:
تعلمت الشر لا للشر ... ولكن لأتقيه
الذي لا يعرف الشر لا شك أنه يكاد أن يقع فيه، ولذا كان أمتن الناس ديانة الذين عاشوا في الجاهلية وعرفوا الشرور ثم أسلموا، أمتن وأقوى ديانة ممن ولد في الإسلام ولا يعرفون الشر، وأيضاً تجد التائب الذي منَّ الله عليه بتوبة نصوح، الذي منَّ الله عليه بتوبة نصوح بعد أن زاول منكرات وجرائم تجده من أنفع الناس في كشف الجرائم وأهلها، يصير عنده خبرة، وعنده معرفة بوسائل الأشرار وطرقهم.