نعم يقول: "كنا نجمع الصبيان فنحدثهم": الصبي يحضر مجالس العلم من تمام الخامسة عند الأكثر؛ لأنه حينئذ يكون قد عقل، عملاً بحديث محمود الذي عقل المجة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ابن خمس سينين وجعل الجمهور الحد الفاصل بين من يحضر المجالس ومن يحدث خمس سنين، وأهل التحقيق يرون أن الصبي لا يحدث إلا إذا عقل سواءً في الخمس أو قبلها أو بعدها، إذا توقع منه أنه يفهم ويلقن فيتلقن من الخمس، إذا كان يقبل التلقين من التمييز، سواءً ميز قبلها أو بعدها لكن قبل خمس يندر أن يميز، فإذا صار الصبي بحيث يفهم الكلام ويحفظ الكلام يبادر بتسميعه الحديث، وإضافة إلى أن من يحدث هذا الصبي الذي يرجى انتفاعه أيضاً ينتفع نفسه المحدث، فكونه يحدث هذه مذاكرة، نعم كونه يلقي هذا الحديث على هذا الصبي مذاكرة، وبعض الناس الذين صارت لهم مهمة في الوعظ والتوجيه والإرشاد لهم طرق في كيفية التعلم على هذا الأمر، منهم من يذهب إلى حوش غنم، يلقي عليهم كلمة؛ لأنه يتمرن، يعني لو ألقاها على كبار في مسجد وإلا في درس وإلا شيء ما تمرن ولا تعلم يستمر هكذا، لكن بعضهم يجمع حصى أو أخشاب أو شيئاً يحدثهم، وهذا يجمع صبياناً ويحدثهم، فالصبيان أفضل بلا شك يستفيدون ويستفيد هو، ويثبت علمه ويجرؤ على الكلام ويرتب أموره، وكل يوم أفضل من الثاني، هذه طريقة يسلكها بعضهم، يدخل على حوش الغنم ويتحدث، ليتمرن لا يقصد منهم، من هذا إفادتهم لكن ليتمرن هو على ذلك، وتحديث الصبيان أولى مما ذكر، أولى مما ذكر؛ لأنه قد يكون في الصبيان من يفهم، قد يكون فيهم من يحفظ، نعم، والناس يحتقرون الصبيان الصغار في الثلاث في الأربع، لا، وجد منهم نوابغ، يحفظون حتى في هذه السن، ذكر أهل الحديث في هذا قصصاً كثيرة، جيء للمأمون بصبي طلب منه قراءة قرآن فقرأ، من أي سورة يقرأ، وعمره ثلاث سينين، وطلب منه بعض الأحاديث فيحدث، يقولون: غير أنه إذا جاع يبكي، وهو صغير ما زال طفلاً، فلا نحتقر هؤلاء الصبيان، وفي هذا أكثر من فائدة: