هذا الخبر يرويه جرير عن لليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن مجاهد، مجاهد أدرك عمر وإلا ما أدركه؟ نعم، مجاهد لم يدرك عمر، "أن عمر نهى عن المكايلة": و (أن) هذه لا تحمل على الاتصال مطلقاً، حكمها حكم السند المعنعن، لو قال: عن عمر، أو قال عمر، أو أن عمر نهى، هذه كلها لا تجب على الاتصال إلا بالشروط المعروفة إذا عرف، عرفت المعاصرة، وعرف اللقاء -على الخلاف في ذلك- وأمن من تدليس الراوي، تحمل على الاتصال وإلا فلا، وهنا لا توجد المعاصرة فضلاً عن اللقاء فلا اتصال.

هذا الخبر: "نهى عن المكايلة يعني المقايسة": وعمر -رضي الله عنه- قد يقول مثل هذا الكلام، احتياطاً للدين، وخشية أن يسترسل الناس في الأقيسة والرأي ويتركون النصوص، جاء ذم الرأي، جاء ذم القياس، لكنه مع وجود النصوص، أما مع عدم النصوص التي تدل على المسألة بعينها لا بد من استعمال الرأي؛ لأن هناك نوازل لم ينص عليها في الكتاب والسنة، وإنما لها أشباه ولها نظائر لا بد من استعمال القياس، والقول بالقياس هو قول جماهير العلماء، لكن شريطة ألا يوجد نص في المسألة؛ لأنه لا قياس مع النص، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن الحسن قال: "إن لنا كتباً نتعاهدها".

نعم هذا من كلام الحسن -رحمه الله- معروف التابعي الجليل الحسن البصري، على حفظه وعلى سعة علمه واطلاعه وفهمه، وفقهه يشبه فقه السلف، وكلامه ومواعظه تشبه بكلام النبوة، يعني من كبار الوارثين من علم النبوة يقول: "إن لنا كتباً نتعاهدها": نعم لا بد من التعاهد، يعني الذي يعتمد على حفظه ويترك المكتوب، ما يراجع الكتب، ولا ينظر فيها هذا ينسى، ويخلط، إذا طال به العهد نسي هل القول لفلان، أو لعلان، هل القول مذكور في كتاب كذا أو في كتاب كذا؟ يحصل عنده شيء من الخلط، فإذا كان يتعاهدها ويراجعها عند الحاجة ازداد علماً وثبت ما عنده، نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015