ولا شك أن كل طرف من هذين له نصيب من الولاية، فالعلماء لهم الولاية الدينية، ولهم التوجيه الديني، وطاعتهم في هذا الباب واجبة، لكن الأمراء والحكام لهم أيضاً طاعتهم فيما لا معصية فيه لله -جل وعلا-، .... "بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره"، لا بد من هذا ولا تتم الأمور ولا تنتظم أمور الدين والدنيا إلا بطاعة ولي الأمر، أولاً: لا بد من وجود ولي الأمر، ثم بعد ذلك لا بد من طاعته، وولي الأمر كما هو معروف في الشرع له حقوقِ، وعليه حقوق، لكن إذا أمر بما لا معصية فيه وجبت طاعته، وجبت طاعته.
هنا يبين في هذا الخبر وهو من تفسير مجاهد أن أولي الأمر هم أولي الفقه والعلم، والمسألة خلافية بين أهل العلم، ولكل منهما نصيب، من هذه الآية ومن حديث: ((الدين النصيحة))، فالعلماء تجب طاعتهم، والأمراء والملوك والولاة تجب طاعتهم، وكما أن العلماء تجب نصيحتهم والأمراء والولاة تجب نصيحتهم، كما جاء في حديث تميم وكما هنا، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش قال: "كنت أسمع الحديث فأذكره لإبراهيم، فإما أن يحدثني به أو يزيدني فيه".
نعم هذا من سعة علم إبراهيم، سعة محفوظه من سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا سمع الأعمش حديث -وهو من الثقات الأثبات الحفاظ- إذا سمع حديثاً ذكره لإبراهيم، لعله أن يأتي له بما ليس عنده، يتحفه به، يظن أنه ليس عند إبراهيم منه علم –النخعي- "فإما أن يحدثني به": يعني يرويه لي من طريقه، يكون محفوظاً عنده قبل أن أذكره، "وإما أن يزيدني فيه": يكون قد ترك جملة منه أو كلمة أو شيء يزيده، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن مسعود بن مالك قال: قال لي علي بن الحسين: "تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير؟ قال: قلت: وما حاجتك إليه؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها إن الناس يأبنوننا فقال: بما ليس عندنا".